احداهما فكرته فِي جماله واوصافه وَالثَّانيَِة فكرته فِي افعاله واحسانه وبره ولطفه الدَّالَّة على كَمَال صِفَاته وان تعلق فكره بِنَفسِهِ لم يخرج ايضا عَن حالتين اما ان نفكر فِي اوصافه المسخوطة الَّتِي يبغضها محبوبه ويمقته عَلَيْهَا ويسقطه من عينه فَهُوَ دَائِما يتَوَقَّع بفكره عَلَيْهَا ليتجنبها وَيبعد مِنْهَا وَالثَّانيَِة ان يفكر فِي الصِّفَات والاخلاق والافعال الَّتِي تقربه مِنْهُ وتحببه اليه حَتَّى يَتَّصِف بهَا فالفكرتان الاولتان توجب لَهُ زِيَادَة محبته وقوتها وتضاعفها والفكرتان الاخرتان توجب محبَّة محبوبه لَهُ واقباله عَلَيْهِ وقربه مِنْهُ وَعطفه عَلَيْهِ وايثاره على غَيره فالمحبة التَّامَّة مستلزمة لهَذِهِ الافكار الاربعة فالفكرة الاولى وَالثَّانيَِة تتَعَلَّق بِعلم التَّوْحِيد وصفات الاله المعبود سُبْحَانَهُ وأفعاله وَالثَّالِثَة وَالرَّابِعَة تتَعَلَّق بِالطَّرِيقِ الموصلة اليها وقواطعها وآفاتها وَمَا يمْنَع من السّير فِيهَا اليه فتفكره فِي صِفَات نَفسه يُمَيّز لَهُ المحبوب لرَبه مِنْهَا من الْمَكْرُوه لَهُ وَهَذِه الفكرة توجب ثَلَاثَة امور احدها ان هَذَا الْوَصْف هَل هُوَ مَكْرُوه مبغوض لله ام لَا الثَّانِي هَل العَبْد متصف بِهِ ام لَا وَالثَّالِث إِذا كَانَ متصفا بِهِ فَمَا طَرِيق دَفعه والعافية مِنْهُ وان لم يكن متصفا بِهِ فَمَا طَرِيق حفظ الصِّحَّة بوقائه على الْعَافِيَة والاحتراز مِنْهُ وَكَذَلِكَ الفكرة فِي الصّفة المحبوبة تستدعي ثَلَاثَة امور احدها ان هَذِه الصّفة هَل هِيَ محبوبة لله مرضية لَهُ ام لَا الثَّانِي هَل العَبْد متصف بهَا ام لَا الثَّالِث انه إِذا كَانَ متصفا بهَا فَمَا طَرِيق حفظهَا ودوامها وان لم يكن متصفا بهَا فَمَا طَرِيق اجتلائها والتخلق بهَا ثمَّ فكرته فِي الافعال على هذَيْن الْوَجْهَيْنِ ايضا سَوَاء ومجاري هَذِه الافكار ومواقعها كَثِيرَة جدا لاتكاد تنضبط وانا يحصرها سِتَّة اجناس الطَّاعَات الظَّاهِرَة والباطنة والمعاصي الظَّاهِرَة والباطنة وَالصِّفَات والاخلاق الحميدة والاخلاق وَالصِّفَات الذميمة فَهَذِهِ مجاري الفكرة فِي صِفَات نَفسه وافعالها واما الفكرة فِي صِفَات المعبود وأفعاله واحكامه فتوجب لَهُ التَّمْيِيز بَين الايمان وَالْكفْر والتوحيد والشرك والاقرار والتعطيل وتنزيه الرب عَمَّا لَا يَلِيق بِهِ وَوَصفه بِمَا هُوَ اهله من الْجلَال والاكرام ومجاري هَذِه الفكرة تدبر كَلَامه وَمَا تعرف بِهِ سُبْحَانَهُ الى عباده على السّنة رسله من اسمائه وَصِفَاته وأفعاله وَمَا نزه نَفسه عَنهُ مِمَّا لَا يَنْبَغِي لَهُ وَلَا يَلِيق بِهِ سُبْحَانَهُ وتدبر ايامه وافعاله فِي اوليائه واعدائه الَّتِي قصها على عباده واشهدهم اياها ليستدلوا بهَا على انه الههم الْحق الْمُبين الَّذِي لَا تنبغي الْعِبَادَة الا لَهُ ويستدلوا بهَا على انه على كل شَيْء قدير وانه بِكُل شَيْء عليم وانه شَدِيد الْعقَاب وانه غَفُور رَحِيم وانه الْعَزِيز الْحَكِيم وانه الفعال لما يُرِيد وانه الَّذِي وسع كل شَيْء رَحْمَة وعلما وان أَفعاله كلهَا دَائِرَة بَين الْحِكْمَة وَالرَّحْمَة وَالْعدْل والمصلحة لَا يخرج شَيْء مِنْهَا عَن ذَلِك وَهَذِه الثَّمَرَة لَا سَبِيل الى تَحْصِيلهَا إِلَّا بتدبر كَلَامه وَالنَّظَر فِي آثَار أَفعاله وَإِلَى هذَيْن الاصلين ندب عباده فِي الْقُرْآن فَقَالَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute