للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنافذ وَمد الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ وبسطهما وَقسم رؤسهما بالاصابع ثمَّ قسم الاصابع بالانامل وَركب الاعضاء الْبَاطِنَة من الْقلب والمعدة والكبد وَالطحَال والرئة وَالرحم والمثانة والامعاء كل وَاحِد مِنْهَا لَهُ قدر يَخُصُّهُ وَمَنْفَعَة تخصه ثمَّ انْظُر الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي تركيب الْعِظَام قواما للبدن وعمادا لَهُ وَكَيف قدرهَا ربه وخالقها بتقادير مُخْتَلفَة وأشكال مُخْتَلفَة فَمِنْهَا الصَّغِير وَالْكَبِير والطويل والقصير والمنحنى والمستدير والدقيق والعريض والمصمت والمجوف وَكَيف ركب بَعْضهَا فِي بعض فَمِنْهَا مَا تركيبه تركيب الذّكر فِي الانثى وَمِنْهَا مَا تركيبه تركيب اتِّصَال فَقَط وَكَيف اخْتلفت اشكالها باخْتلَاف مَنَافِعهَا كالاضراس فَإِنَّهَا لما كَانَت آلَة للطحن جعلت عريضة وَلما كَانَت الاسنان آلَة للْقطع جعلت مستدقة محددة وَلما كَانَ الانسان مُحْتَاجا الى الْحَرَكَة بجملة بدنه وببعض اعضائه للتردد فِي حَاجته لم يَجْعَل عِظَامه عظما وَاحِدًا بل عظاما مُتعَدِّدَة وَجعل بَينهَا مفاصل حَتَّى تتيسر بهَا الْحَرَكَة وَكَانَ قدر كل وَاحِد مِنْهَا وشكله على حسب الْحَرَكَة الْمَطْلُوبَة مِنْهُ وَكَيف شدّ اسر تِلْكَ المفاصل والاعضاء وربط بَعْضهَا بِبَعْض بأوتار ورباطات انبتها من اُحْدُ طرفِي الْعظم والصق اُحْدُ طرفِي الْعظم بالطرف الاخر كالرباط لَهُ ثمَّ جعل فِي اُحْدُ طرفِي الْعظم زَوَائِد خَارِجَة عَنهُ وَفِي الآخر نقرا غائصة فِيهِ مُوَافقَة لشكل تِلْكَ الزَّوَائِد ليدْخل فِيهَا وينطبق عَلَيْهَا فَإِذا أَرَادَ العَبْد ان يُحَرك جُزْء من بدنه لم يمْتَنع عَلَيْهِ وَلَوْلَا المفاصل لتعذر ذَلِك عَلَيْهِ وَتَأمل كَيْفيَّة خلق الراس وَكَثْرَة مَا فِيهِ من الْعِظَام حَتَّى قيل إِنَّهَا خَمْسَة وَخَمْسُونَ عظما مُخْتَلفَة الاشكال والمقادير وَالْمَنَافِع وَكَيف رَكبه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على الْبدن وَجعله عَالِيا علو الرَّاكِب على مركوبه وَلما كَانَ عَالِيا على الْبدن جعل فِيهِ الْحَواس الْخمس وآلات الادراك كلهَا من السّمع وَالْبَصَر والشم والذوق واللمس وَجعل حاسة الْبَصَر فِي مقدمه ليَكُون كالطليعة والحرس والكاشف للبدن وَركب كل عين من سبع طَبَقَات لكل طبقَة وصف مَخْصُوص وَمِقْدَار مَخْصُوص وَمَنْفَعَة مَخْصُوصَة لَو فقدت طبقَة من تِلْكَ الطَّبَقَات السَّبع اَوْ زَالَت عَن هيئتها وموضعها لتعطلت الْعين عَن الابصار ثمَّ اركز سُبْحَانَهُ دَاخل تِلْكَ الطَّبَقَات السَّبع خلقا عجيبا وَهُوَ إِنْسَان الْعين بِقدر العدسة يبصر بِهِ مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب والارض وَالسَّمَاء وجعلهمن الْعين بِمَنْزِلَة الْقلب من الاعضاء فهوملكها وَتلك الطَّبَقَات والاجفان والاهداب خدم لَهُ وحجاب وحراس فَتَبَارَكَ الله احسن الْخَالِقِينَ فَانْظُر كَيفَ حسن شكل الْعَينَيْنِ وهيئتها ومقدارهما ثمَّ جملهما بالاجفان غطاء لَهما وسترا وحفظا وزينة فهما يتلقيان عَن الْعين الاذى والقذا وَالْغُبَار ويكنانهما من الْبَارِد المؤذي والحار المؤذي ثمَّ غرس فِي اطراف تِلْكَ الاجفان الاهداب جمالا وزينة ولمنافع اخر وَرَاء الْجمال والزينة ثمَّ اودعهما ذَلِك النُّور الباصر والضوء الباهر الَّذِي يخرق مَا بَين السَّمَاء والارض ثمَّ يخرق السَّمَاء مجاوزا لرؤية مَا فَوْقهَا من الْكَوَاكِب وَقد

<<  <  ج: ص:  >  >>