هَذَا فكونه مُتَعَلقا للثَّواب وَالْعِقَاب والمدح والذم عَقْلِي وَأَن كَانَ وُقُوع الْعقَاب مَوْقُوفا على شَرط وَهُوَ وُرُود السّمع وَهل يُقَال أَن الِاسْتِحْقَاق لَيْسَ بِثَابِت لِأَن وُرُود السّمع شَرط فِيهِ هَذَا فِيهِ طَرِيقَانِ للنَّاس وَلَعَلَّ النزاع لَفْظِي فَإِن أُرِيد بالاستحاق الِاسْتِحْقَاق التَّام فَالْحق نَفْيه وَأَن أُرِيد بِهِ قيام السَّبَب والتخلف لفَوَات شَرط أَو وجود مَانع فَالْحق إثْبَاته فَعَادَت الْأَقْسَام الثَّلَاثَة أعنى الْكَمَال وَالنُّقْصَان والملاءمة والمنافرة والمدح والذم إِلَى عرف وَاحِد وَهُوَ كَون الْفِعْل محبوبا أَو مبغوضا وَيلْزم من كَونه محبوبا أَن يكون كمالا وَأَن يسْتَحق عَلَيْهِ الْمَدْح وَالثَّوَاب وَمن كَونه مبعوضا أَن يكون نقصا يسْتَحق بِهِ الذَّم وَالْعِقَاب فَظهر أَن الْتِزَام لَوَازِم هَذَا التَّفْصِيل وإعطاءه حَقه يرفع النزاع وَيُعِيد المسئلة اتفاقية وَلَكِن أصُول الطَّائِفَتَيْنِ تأبى الْتِزَام ذَلِك فَلَا بُد لَهما من التناقص إِذا طردوا أصولهم وَأما من كَانَ أَصله إِثْبَات الْحِكْمَة واتصاف الرب تَعَالَى بهَا وَإِثْبَات الْحبّ والبغض لَهُ وأنهما أَمر وَرَاء الْمَشِيئَة الْعَامَّة فأصول مستلزمه لفروعه وفروعه دَالَّة على أُصُوله فأصوله وفروعه لَا تتناقص وأدلته لَا تتمانع وَلَا تتعارض قَالَ النفاة لَو قدر نَفسه وَقد خلق تَامّ الْخلقَة كَامِل الْعقل دفْعَة وَاحِدَة من أَن يتخلق بأخلاق قوم وَلَا تأدب بتأديب الْأَبَوَيْنِ وَلَا تربي فِي الشَّرْع وَلَا تعلم من متعلم ثمَّ عرض عَلَيْهِ أَمْرَانِ أَحدهمَا الِاثْنَيْنِ أَكثر من الْوَاحِد وَالثَّانِي أَن الْكَذِب قَبِيح بِمَعْنى أَنه يسْتَحق من الله تَعَالَى لوما عَلَيْهِ لم نشك أَنه لَا يتَوَقَّف فِي الأول ويتوقف فِي الثَّانِي وَمن حكم بِأَن الْأَمريْنِ سيان بِالنِّسْبَةِ إِلَى عقله خرج عَن قضايا الْعُقُول وعاند كعناد الفضول كَيفَ وَلَو تقرر عِنْده أَن الله تَعَالَى لَا يتَضَرَّر بكذب وَلَا ينْتَفع بِصدق وَأَن الْقَوْلَيْنِ فِي حكم التَّكْلِيف على وتيرة وَاحِدَة لم يُمكنهُ أَن يرد أَحدهمَا دون الثَّانِي بِمُجَرَّد عقله وَالَّذِي يُوضحهُ أَن الصدْق وَالْكذب على حَقِيقَة ذاتية لَا تتَحَقَّق ذاتهما إِلَّا بأركان تِلْكَ الْحَقِيقَة مثلا كَمَا يُقَال أَن الصدْق إِخْبَار عَن أَمر على مَا هُوَ عَلَيْهِ وَالْكذب أَخْبَار عَن أَمر على خلاف مَا هُوَ بِهِ وَنحن نعلم أَن من أدْرك هَذِه الْحَقِيقَة عرف الْمُحَقق وَلم يخْطر بِبَالِهِ كَونه حسنا أَو قبيحا فَلم يدْخل الْحسن والقبح إِذا فِي صفاتهما الذاتية الَّتِي تحققت حقيقتهما بهَا ولوازمها فِي الْوَهم بالبديهة كَمَا بَينا ولألزمها فِي الْوُجُود ضَرُورَة فَأن من الْأَخْبَار الَّتِي هِيَ صَادِقَة مَا يلام عَلَيْهِ من الدّلَالَة على هرب من ظَالِم وَمن الْأَخْبَار الَّتِي هِيَ كَاذِبَة مَا يُثَاب عَلَيْهَا مثل إِنْكَار الدّلَالَة عَلَيْهِ فَلم يدْخل كَون الْكَذِب قبيحا فِي حد الْكَذِب وَلَا لزمَه فِي الْوَهم وَلَا لزمَه فِي الْوُجُود فَلَا يجوز أَن يعد من الصِّفَات الذاتية الَّتِي تلْزم النَّفس وجودا وعدما عِنْدهم وَلَا يجوز أَن يعد من الصِّفَات التابعة للحدوث فَلَا يعقل بالبديهة وَلَا بِالنّظرِ فَإِن النّظر لَا بُد أَن يرد إِلَى الضَّرُورِيّ أَي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute