أَمر مُحَقّق وَحسن الخاتمة أَمر موهوم لعطلوا الْأَعْمَال جملَة وَكَذَلِكَ الاجراء والصناع والملوك والجند وكل طَالب امْر من الامور الدُّنْيَوِيَّة والأخروية لَوْلَا بِنَاؤُه على الْغَالِب وَمَا جرت بِهِ الْعَادة لما احْتمل الْمَشَقَّة المتيقنة لأمر منتظر وَمن هَاهُنَا قيل أَن إِنْكَار هَذِه المسئلة يسلتزم تَعْطِيل الدُّنْيَا وَالْآخِرَة من وُجُوه مُتعَدِّدَة
الْوَجْه السَّابِع وَالْخَمْسُونَ قَوْلكُم ويعارضه معنى ثَالِث وراءهما فيفكر الْعقل فِي انواعه وشروط أُخْرَى وَرَاء مُجَرّد الانسانية من الْعقل وَالْبُلُوغ وَالْعلم وَالْجهل والكمال وَالنَّقْص والقرابة والاجنبية فيتحير الْعقل كل التحير فَلَا بُد إِذا من شَارِع يفصل هَذِه الخطة ويعين قانونا يطرد عَلَيْهِ امْر الامة ويستقيم عَلَيْهِ مصالحهم
فَيُقَال لَا ريب أَن الشَّرَائِع تَأتي بِمَا لَا تستقل الْعُقُول بإدراكه فَإِذا جَاءَت بِهِ الشَّرِيعَة اهْتَدَى الْعقل حِينَئِذٍ إِلَى وَجه حسن مأموره وقبح منهيه فسرته الشَّرِيعَة على وَجه الْحِكْمَة والمصلحة الباعثين اشرعه فَهَذَا مِمَّا لَا يُنكر وَهَذَا الَّذِي قُلْنَا فِيهِ ان الشَّرَائِع تَأتي بمجازات الْعُقُول لَا بمحالات الْعُقُول وَنحن لم نَدع وَلَا عَاقل قطّ أَن الْعقل يسْتَقلّ بِجَمِيعِ تفاصيل مَا جَاءَت بِهِ الشَّرِيعَة بِحَيْثُ لَو ترك وَحده لاهتدى إِلَى كل مَا جَاءَت بِهِ إِذا عرف هَذَا فغاية مَا ذكرْتُمْ أَن الشَّرِيعَة الْكَامِلَة اشْترطت فِي وجوب الْقصاص شُرُوطًا لَا يَهْتَدِي الْعقل إِلَيْهَا وَأي شَيْء يلْزم من هَذَا وماذا يقبح لكم ومنازعكم يسلمونه لكم وقولكم ان هَذَا معَارض للوصف الْمُقْتَضى لثُبُوت الْقصاص من قيام مصلحَة الْعَالم إِمَّا غَفلَة عَن الشُّرُوط الْمُعَارضَة وَإِمَّا إصْلَاح طَار سيم فِيهِ مَالا يَهْتَدِي الْعقل إِلَيْهِ من شُرُوط اقْتِضَاء الْوَصْف لموجبه مُعَارضَة فيالله الْعجب أَي مُعَارضَة هَا هُنَا إِذا كَانَ الْعقل والفطرة قد شَهدا بِحسن الْقَتْل قصاصا وانتظامه للْعَالم وتوقفا فِي اقْتِضَاء هَذَا الْوَصْف هَل يضم إِلَيْهِ شُرُوط آخر غَيره أم يَكْفِي بِمُجَرَّد وَفِي تعْيين تِلْكَ الشُّرُوط فَأدْرك الْعقل مَا اسْتَقل بإدراكه وَتوقف عَمَّا لَا يسْتَقلّ بإدراكه حَتَّى اهْتَدَى إِلَيْهِ بِنور الشَّرِيعَة يُوضح هَذَا
الْوَجْه الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ أَن مَا وَردت بِهِ الشَّرِيعَة فِي اصل الْقصاص وشروطه منقسم إِلَى قسمَيْنِ أَحدهمَا مَا حسنه مَعْلُوم بِصَرِيح الْعقل الَّذِي لَا يستريب فِيهِ عَاقل وَهُوَ اصل الْقصاص وانتظام مصَالح الْعَالم بِهِ وَالثَّانِي مَا حسنه مَعْلُوم بِنَظَر الْعقل وفكره وتأمله فَلَا يَهْتَدِي إِلَيْهِ إِلَّا الْخَواص وَهُوَ مَا اشْترط اقْتِضَاء هَذَا الْوَصْف أَو جعل تَابعا لَهُ فَاشْترط لَهُ الْمُكَافَأَة فِي الدّين وَهَذَا فِي غَايَة المراعاة للحكمة والمصلحة فَإِن الدّين هُوَ الَّذِي فرق بَين النَّاس فِي الْعِصْمَة وَلَيْسَ فِي حِكْمَة الله وَحسن شَرعه أَن يَجْعَل دم وليه وَعَبده وَأحب خلقه إِلَيْهِ وَخير بريته وَمن خلقه لنَفسِهِ واختصه بكرامته واهله لجواره فِي جنته والنطر إِلَى وَجهه وَسَمَاع كَلَامه فِي دَار كرامته كَدم عدوه وامقت خلقه عَلَيْهِ وَشر بريته والعادل بِهِ عَن عِبَادَته إِلَى عبَادَة الشَّيْطَان الَّذِي خلقه للنار وللطرود عَن بَابه والإبعاد عَن رَحمته وَبِالْجُمْلَةِ فحاشا حكمته أَن يسوى بَين دِمَاء خير الْبَريَّة وَدِمَاء شَرّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute