أَن ذَلِك الْوَضع بحملته فَاتَ وَمَا عَاد وَلكنه عَاد اتِّصَال وَاحِد من تِلْكَ الاتصالات وكما عَاد ذَلِك الِاتِّصَال الْمعِين فانه يعود ذَلِك الْأَثر بِعَيْنِه لَا لأجل سَائِر الاتصالات فَثَبت أَن الرُّجُوع فِي هَذَا الْبَاب إِلَيّ التجربة غير مُتَعَذر وَهَذَا الِاعْتِذَار فِي غَايَة الْفساد والمكابرة لِأَن تخلف ذَلِك الْأَثر عَن ذَلِك الِاتِّصَال الْعَائِد أَكثر من اقترانه بِهِ والتجربة شاهدة بذلك كَمَا قد اشْتهر بَين الْعُقَلَاء أَن المنجمين إِذا أَجمعُوا على شَيْء من الْأَحْكَام لم يكد يَقع وَنحن نذْكر طرفا من ذَلِك فَنَقُول فِي
الْوَجْه الثَّامِن عشر لما نظر حذاقكم وفضلاؤكم سنة سبع وَثَلَاثِينَ عَام صفّين من مخرج على رَضِي الله عَنهُ من الْكُوفَة إِلَيّ محاربة أهل الشَّام اتَّفقُوا على أَنه يقتل ويقهر جَيْشه فَظهر كذبهمْ وانتصر جَيْشه على أهل الشَّام وَلم يقدروا على التَّخَلُّص مِنْهُم إِلَّا بالحيلة الَّتِي وضعوها من نشر الْمَصَاحِف على الرماح وَالدُّعَاء إِلَى مَا فِيهَا وَقد قيل أَن الِاتِّفَاق مِنْهُم إِنَّمَا كَانَ فِي حَرْب الْمُؤمنِينَ للخوارج فانهم اتَّفقُوا على أَنه من خرج فِي ذَلِك الطالع قتل وَهزمَ جَيْشه فان الْقَمَر كَانَ إِذا ذَاك فِي الْعَقْرَب فخالفهم عَليّ وَقَالَ بل نخرج ثِقَة بِاللَّه وتوكلا عَلَيْهِ وتكذيبا لقَوْل المنجم فَمَا غزا غزَاة بعد رَسُول الله أتم مِنْهَا قتل عدوه وأيده الله عَلَيْهِم بالنصر وَالظفر بهم وَرجع مؤيدا منصورا مأجورا والقصة مَعْرُوفَة فِي السّير والتواريخ وَكَذَلِكَ اتِّفَاق ملأكم فِي سنة سبع وَسِتِّينَ على غَلَبَة عبيد الله بن زِيَاد للمختار بن أبي عبيد وَأَنه لَا بُد أَن يقْتله أَو يأسره فَسَار إِلَيْهِ فِي نَحْو من ثَمَانِينَ ألف مقَاتل فَلَقِيَهُ إِبْرَاهِيم بن الأشتر صَاحب الْمُخْتَار بِأَرْض نَصِيبين وَهُوَ فِيمَا دون سَبْعَة آلَاف مقَاتل فَانْهَزَمَ أَصْحَاب ابْن زِيَاد بعد أَن قتل مِنْهُم خلق لَا يحصيهم أَلا الله حَتَّى أَنه قيل انهم قتل مِنْهُم ثَلَاثَة وَسَبْعُونَ ألفا وَلم يقتل من أَصْحَاب ابْن الأشتر سوى عدد لَا يبلغون مائَة وَفِيهِمْ يَقُول الشَّاعِر:
برزوا نحوهم بسبعة آلا ... ف أَن يهم عجائبا
فَتَعَشَّوْا مِنْهُم بسبعين ألفا ... أَو يزِيدُونَ قبل وَقت الْعشَاء