للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهِي نَحْو من سبعين بَيْتا أُجِيز على كل بَيت مِنْهَا بِأَلف دِرْهَم

وَمن ذَلِك اتِّفَاقهم سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ فِي قصَّة القرامطة على أَن المكتفى بِاللَّه أَن خرج لمقاتلتهم كَانَ هُوَ المغلوب الْمَلْزُوم وَكَانَ الْمُسلمُونَ قد لقوا مِنْهُم على توالي الْأَيَّام شرا عَظِيما وخطبا جسيما فأنهم قتلوا النِّسَاء والأطفال واستباحوا الْحَرِيم وَالْأَمْوَال وهدموا الْمَسَاجِد وربطوا فِيهَا خيولهم ودوابهم وقصدوا وَفد الله وزوار بَيته فأوقعوا فيهم الْقَتْل الذريع وَالْفِعْل الشنيع واباحوا محارم الله وعطلوا شرائعه فعزم المكتفي على الْخُرُوج اليهم بِنَفسِهِ فَجمع وزيره الْقَاسِم بن عبيد الله من قدر عَلَيْهِ من المنجمين وَفِيهِمْ زعيمهم أَبُو الْحسن العاصمي وَكلهمْ أوجب عَلَيْهِ بِأَن يُشِير على الْخَلِيفَة أَن لَا يخرج فانه أَن خرج لم يرجع وبخروجه تَزُول دولته وبهذه تشهد النُّجُوم الَّتِي يقْضى بهَا طالع مولده وأخافوا الْوَزير من الْهَلَاك أَن خرج مَعَه وَقد كَانَ المكتفي أَمر الْوَزير بِالْخرُوجِ مَعَه فَلم يجد بدا من مُتَابَعَته فَخرج وَفِي قلبه مَا فِيهِ وَأقَام المكتفي بالرقة حَتَّى أَخذ أَعدَاء الله جَمِيعًا وسيقت جموعهم بكأس السَّيْف نجيعا ثمَّ جَاءَ الْخَبَر من مصر بِمَوْت خمارويه بن أَحْمد بن طولون وَكَانُوا بِهِ يستطيلون فَأرْسل المكتفي من تسلمها واستحضر القواد المصرية إِلَى حَضرته ثمَّ لما عَاد أَمر الْقَاسِم بن عبيد الله الْوَزير بإحضار رَئِيس المنجمين وصفعه الصفع الْكثير بعد أَن وَقفه ووبخه على عَظِيم كذبه وافترائه وتبرأ مِنْهُ وَمن كل من يَقُول بِرَأْيهِ

قَالَ أَبُو حَيَّان التوحيدي فِي كتاب الإتباع والمؤانسة وَقد ذكر هَذِه الْقِصَّة

فَهَذَا وَمَا أشبهه من الافتراء وَالْكذب لَو ظهر وَنشر وعير أَهله بِهِ ووقفوا عَلَيْهِ وزجروا عَن الدَّعْوَى المشرفة على الْغَيْب لَكَانَ مقمعَة لمن يُطلق لِسَانه بالإطلاع على مَالا يَكُونُوا فِي غدو قطعا لألسنتهم وكفا لدعواهم وتأديبا لصغيرهم وَكَبِيرهمْ

وَمن ذَلِك اتِّفَاقهم سنة ثَلَاث وَخمسين وثلاثمائة عِنْدَمَا أَرَادَ الْقَائِد جَوْهَر الْعَزِيز بِنَاء مَدِينَة الْقَاهِرَة وَقد كَانَ سبق مَوْلَاهُ الملقب بالمعز إِلَى الدُّخُول إِلَى الديار المصرية لما أمره الْمعز بِدُخُولِهَا بالدعوة وَأمره إِذا دَخلهَا أَن يَبْنِي بهَا مَدِينَة عَظِيمَة تكون نُجُوم طالعها فِي غَايَة الاسْتقَامَة وَيكون بطالع الْكَوْكَب القاهر وَهُوَ زحل أَو المريخ على اخْتِلَاف حَاله فَجمع الْقَائِد جَوْهَر المنجمين بهَا وَأمر كل وَاحِد مِنْهُم أَن يُحَقّق الرصد ويحكمه وَأمر البنائين أَن لَا يضعوا الأساس حَتَّى يُقَال لَهُم ضعوه وَأَن يَكُونُوا على هَيْئَة من التيقظ والإسراع حَتَّى يوافقوا تِلْكَ السَّاعَة الَّتِي اتّفقت عَلَيْهَا أرصاد أُولَئِكَ الْجَمَاعَة فَوضعت الأساسات على ذَلِك فِي الْوَقْت الْحَاضِر وسموها بِالْقَاهِرَةِ إِشَارَة بزعمهم الْكَاذِب إِلَى الْكَوْكَب القاهر وَاتَّفَقُوا كلهم بِأَن الْوَقْت الَّذِي بنبت فِيهِ يقْضِي بدوام جدهم وسعادتهم ودولتهم وَأَن الدعْوَة لَا تخرج فِيهَا عَن الفاطمية وان تداولتها الألسن

<<  <  ج: ص:  >  >>