للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي رَجَب سنة سبع وَتِسْعين وثلاثمائة وَكَانَ مبدأ خُرُوجه فِي رَجَب سنة خمس وَتِسْعين فَظهر كذب المنجمين وَكَانَ هَذَا الفكري قد استولى على الْحَاكِم فانه اتّفقت لَهُ مَعَه قضيتان أمالتاه إِلَيْهِ إِحْدَاهمَا أَن الْحَاكِم عزم على إرْسَال أسطول إِلَى مَدِينَة صور لمحاربتهم فَسَأَلَهُ الفكري أَن يكون تَدْبيره إِلَيْهِ ليخرجه فِي طالع يختاره وَتَكون الْعهْدَة أَن لم يظفر عَلَيْهِ وَاتفقَ ظُهُور الأسطول

الثَّانِيَة أَنه ذكر أَن بساحل بركَة رميس مَسْجِدا قَدِيما وان تَحْتَهُ كنزا عَظِيما وَسَأَلَهُ أَن يتَوَلَّى هُوَ هَدمه فان ظهر الْكَنْز والا بناه هُوَ من مَاله وأودعه السجْن فاتفق إِصَابَة الْكَنْز فطاش الْمَغْرُور بذلك فَلَمَّا حكم عَلَيْهِ الفكري بتغيير دولته وَقضى المنجمون بِمثل قَضَائِهِ فَوَقع للْحَاكِم أَن يُغير أوضاع المملكة والدولة ليَكُون ذَلِك هُوَ مُقْتَضى الحكم النجومي فَصَارَ يَأْمر فِي يَوْمه بِخِلَاف كل مَا يَأْمر بِهِ فِي أمسه فَأمر بسب الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم على رُؤْس المنابر والمساجد ثمَّ أَمر بِقطع سبهم وعقوبة من سبهم وَأمر بِقطع شَجَرَة الزرجون من الأَرْض وَأوجب الْقَتْل على من شرب الْخمر وَأمر بغرس هَذِه الشَّجَرَة وأباح شرب الْخمر وأهمل النَّاس نهب الْجَانِب الغربي من الْقَاهِرَة وَقتلت فِيهِ جمَاعَة ثمَّ ضبط الْأَمر حَتَّى أَمر أَن لَا تغلق الحوانيت لَيْلًا وَلَا نَهَارا وَأمر مناديه يُنَادي من عدم لَهُ مَا يُسَاوِي درهما أَخذ من بَيت المَال عَنهُ دِرْهَمَيْنِ بعد أَن يحلف على مَا عَدمه أَو يعضده شَهَادَة رجلَيْنِ حَتَّى تحيل النَّاس فِي ستر حوانيتهم بِالْجَرِيدِ لِئَلَّا تدْخلهَا الْكلاب ثمَّ عمد إِلَى كل متول فِي دولته ولَايَة فَعَزله وَقتل وزيره الْحسن بن عماد كل ذَلِك ليَكُون قَول أهل النَّجْم أَن دولته تَتَغَيَّر وَاقعا على هَذَا الضَّرْب من التَّغْيِير فَلَمَّا كَانَ من أَمر أبي ركوة مَا تقدم ذكره سَاءَ ظَنّه بِعلم النجامة فَأمر بقتل منجمه الفكري وَأطلق فِي المنجمين الْعَيْب والذم وَكَانَ قد جمع بَين المنجمين بالديار المصرية واستدعا غَيرهم وَأمرهمْ أَن يرصدوا لَهُ رصدا يعْتَمد عَلَيْهِ فَصَارَت الطوائف النجومية إِلَى هَذَا الرصد يتحاكمون وان تضمن بعض خلاف الرصد المأموني وَوَضَعُوا لَهُ الذّبْح الْمُسَمّى بالحاكمي وَكَانَ هَذَا الفكري قد أَخذ علم النجامة عَمَّن أَخذه عَن العاصمي فسير أَوْقَات الْحَاكِم وساعاته وَوَافَقَهُ على ذَلِك المنجمون فَلَمَّا قَتله لم يزل أثر التنجيم عَن نَفسه لشرف النَّفس على التطلع إِلَى الْحَوَادِث قبل وُقُوعهَا وَكَانَ بعد يتولع بِهَذَا الْعلم وَيجمع أَصْحَابه فحكموا لَهُ فِي جملَة أحكامهم بركوب الْحمار على كل حَال وألزموه أَن يتَعَاهَد الْجَبَل المقطم فِي أَكثر الْأَيَّام وينفرد وَحده بخطاب زحل بِمَا علموه إِيَّاه من الْكَلَام ويتعاهد فعل مَا وضعوه لَهُ من البخورات والأعزام وحكموا بِأَنَّهُ مَا دَامَ على ذَلِك وَهُوَ يركب الْحمار فَهُوَ سَالم النَّفس عَن كل إِيذَاء فَلَزِمَ مَا أشاروا بِهِ عَلَيْهِ وَأذن الله الْعَزِيز الْعَلِيم رب الْكَوَاكِب ومسخرها ومدبرها أَن هَلَاكه كَانَ فِي ذَلِك الْجَبَل على ذَلِك الْحمار فانه خرج بحماره إِلَى ذَلِك

<<  <  ج: ص:  >  >>