توران شاه ابْن أَيُّوب بن شاذي سنة خمس وَسبعين وَخَمْسمِائة ثمَّ واليها فَخر الدّين قراجا ابْن عبد الله سنة تسع وَثَمَانِينَ ثمَّ واليها سعد الدّين سودكين بن عبد الله سنة خمس وسِتمِائَة انخرمت هَذِه الْقَاعِدَة أصلا وَبَطل قَوْلهم فرعا وأصلا حَتَّى قَالَ بعض شعراء ذَلِك الْعَصْر عِنْد موت الْأَمِير فَخر الدّين:
وَقضى طُلُوع الثغر عِنْد مماته ... أَن المنجم كَاذِب لَا يصدق
لَو كَانَ فِيهِ لَا يَمُوت مؤمر ... أودى وفخر الدّين حَيّ يرْزق
وَمن ذَلِك اجْتِمَاعهم فِي سنة خمس وَعشرَة وسِتمِائَة لما نزل الفرنج على دمياط على انهم لَا بُد أَن يغلبوا على الْبِلَاد فيتملكوا مَا بِأَرْض مصر من رِقَاب الْعباد وانهم لَا تَدور عَلَيْهِم الدائرة إِلَّا إِذا قَامَ قَائِم الزَّمَان وَظهر براياته الخافقة ذَلِك الأوان فكذب الله ظنونهم وأتى من لطفه الْخَفي مَا لم يكن فِي حِسَاب ورد الفرنج بعد الْقَتْل الذريع فيهم والأسر على الْعقَاب وَكَانَ المنجمون قد أَجمعُوا فِي أَمر هَذِه الْوَاقِعَة على نَحْو مَا أجمع عَلَيْهِ من قبلهم فِي شَأْن عمورية وَاتفقَ أَن كَانَ مبدأ هَذَا الْفَتْح فِي سَابِع رَجَب سنة ثَمَان عشرَة وسِتمِائَة ومبدأ ذَلِك الْفَتْح فِي سَابِع رَجَب أَيْضا سنة ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ قَالَ الْفَاضِل الْعَلامَة مُحَمَّد بن عبد الله بن مَحْمُود الْحُسَيْنِي وَلما كذب الله هَؤُلَاءِ الْقَوْم فِيمَا ادعوهُ نسجت على منوال أبي تَمام فِي قصيدته البائية الْمَكْسُورَة فَعمِلت بائية مَفْتُوحَة وَهِي:
الْحَمد لله حمدا يبلغ الأربا ... نقضي بِهِ من حُقُوق الله مَا وجبا
حمدا يزِيد إِذا النعمي تزيد بِهِ ... أخراه أولاه تُعْطى ضعف مَا وهبا
لَا ييأس الْمَرْء من روح الْإِلَه فكم ... من رَاح فِي مستهل كَانَ قد صعبا
فكم مَشى بك مَكْرُوه ركضت بِهِ ... من غير علم إِلَى مَا تشْتَهي خببا
وَكم تقطع دون المشتهى سَبَب ... وَكَانَ مِنْك لأعلى الْمُنْتَهى سَببا
لَا يَنْبَغِي لَك فِي مَكْرُوه حَادِثَة ... أَن تبتغى لَك فِي غير الرِّضَا طلبا
لله فِي الْخلق تَدْبِير يفوت مدى ... أسرار حكمته أَحْكَام من حسبا
اابغ النَّجَاء إِذا ماذو النجامة فِي ... زور من القَوْل يقْضِي كل مَا قربا
وَذُو الأراجين مِمَّا قد يَقُول فدع ... فَمَا أراجيز شَيْء كَانَ قد كتبا
مَا كَانَ لله فِي ديوَان قدرته ... من كَاتب بحدوس الظَّن إِذْ كتبا
لَا يعلم الْغَيْب إِلَّا الله خالقنا ... لَا عَالم غَيره عجبا وَلَا عربا
لَا شَيْء أَجْهَل مِمَّن يَدعِي ثِقَة ... بحدسه وَترى فِيمَا يرى ريبا
قد يجهل الْمَرْء مَا فِي بَيته نظرا ... فَكيف عَنهُ بِمَا فِي غيبه احتجبا
قد كذب الله قَول الْقَائِلين غَدا ... إِذا أَتَى رَجَب لم تحمدوا رجبا