للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سدس قسمه بنصفين فنسب النّصْف الأول إِلَى الْأُنْثَى وَالْآخر إِلَى الذّكر كَمَا عمل بالبرج الذّكر حَتَّى أَتَى على البروج كلهَا وَأما دوروسوس فَلهُ هذيان آخر فانه يقسم البروج كلهَا كل برج ثَمَانِيَة وَخمسين دقيقة وَمِائَة وَخمسين ثَانِيَة ثمَّ ينظر فان كَانَ البرج ذكرا أعْطى الْقِسْمَة الأولى للذّكر ثمَّ الثَّانِيَة للْأُنْثَى إِلَى أَن يَأْتِي على الْأَقْسَام كلهَا وان البرج أُنْثَى أعْطى الْقِسْمَة الأولى للذّكر إِلَى أَن يَأْتِي على الْأَقْسَام كلهَا وَلَو قدر أَن جَاهِلا آخر تفنن فِي هَذِه الأوضاع وقلبها وَتكلم عَلَيْهَا لَكَانَ من جنس كَلَامهم وَلم يكن عِنْدهم من الْبُرْهَان مَا يردون بِهِ قَوْله بل أَن رَأَوْهُ قد أصَاب فِي بعض أَحْكَامه لَا فِي أَكْثَرهَا أَحْسنُوا بِهِ الظَّن وتقلد واقوله وجعلوه قدوة لَهُم وَهَذَا شَأْن الْبَاطِل عدنا إِلَى كَلَام عِيسَى فِي رسَالَته قَالَ وَاخْتلفُوا فِي الْحُدُود فَزعم أهل مصر أَنَّهَا تُؤْخَذ من أَرْبَاب الْبيُوت وَزعم الكلدانيون أَنَّهَا تُؤْخَذ من مُدبر الْمِثْلِيَّات وَإِذا كَانَ اخْتِلَاف الَّذين يعتدون بهم فِي أصولهم هَذَا الِاخْتِلَاف وَلَيْسَ هم مِمَّن يُطَالب بالبرهان وَلَا يعْتَقد الشَّيْء حَتَّى يَصح على الْبَحْث وَالْقِيَاس فيعرفون مَعَ من الْحق من رُؤَسَائِهِمْ وَفِي أَي قَول هُوَ من أَقْوَالهم فيعملون بِهِ وانما طريقتهم التَّسْلِيم لما وجدوه فِي الْكتب المنقولة من لِسَان إِلَى لِسَان فَكيف يجوز لَهُم أَن يتفردوا باعتقاد قَول من هَذِه الْأَقْوَال وينصرفوا عَمَّا سواهُ إِلَّا على طَرِيق الشَّهْوَة والتخمين وَالله الْمُسْتَعَان ذكر بعض مَا يستبشع من أَقْوَالهم ويستدل بِهِ على مناقضتهم

من ذَلِك زعمهم أَن الْفلك جسم وَاحِد وطبيعة وَاحِدَة وَأَنه شَيْء وَاحِد وَلَيْسَ باشياء مُخْتَلفَة ثمَّ زَعَمُوا بعد ذَلِك أَن بعضه ذكر وَبَعضه أُنْثَى وَلَا دلَالَة لَهُم على ذَلِك وَلَا برهَان وَلَا وجدنَا جسما وَاحِدًا فِي الشَّاهِد بعضه ذكر وَبَعضه أُنْثَى قلت قد رام بعض المبلسين من فضلائهم تَصْحِيح هَذَا الهذيان فَقَالَ لَيْسَ يَسْتَحِيل أَن يكون جسم وَاحِد بعضه أُنْثَى وَبَعضه ذكر كَالرّجلِ مثلا فان الْعين وَالْأُذن وَالْيَد وَالرجل مِنْهُ مُؤَنّثَة وَالرَّأْس والصلب والصدر وَالظّهْر مِنْهُ ذكر وَأَيْضًا فان الْجِسْم مركب من الهيولى وَالصُّورَة والهيولي مذكرة وَالصُّورَة مُؤَنّثَة وَأَيْضًا لما وجد المنجمون الشَّمْس تدل على الْآبَاء وَالْأَب ذكر وَالْقَمَر يدل على الآم وَهِي أُنْثَى قَالُوا أَن الشَّمْس ذكر وَالْقَمَر أُنْثَى قَالُوا وَقد قَالَ أرسطو فِي كتاب الْحَيَوَان طمث الْمَرْأَة يقل فِي نُقْصَان الشَّهْر وَكَذَلِكَ قَالَ بعض النَّاس أَن الْقَمَر أُنْثَى قَالُوا وَأَيْضًا فالشمس إِذا كَانَت قَرِيبا من سمت الرؤس كَانَ الْحر واليبس وهما من طبيعة الذكورية وَالْقَمَر إِذا كَانَ يقرب من سمت الرؤس بِاللَّيْلِ كَانَ الْبرد والرطوبة وهما من طبيعة الْأُنْثَى فليعجب الْعَاقِل اللبيب من هَذِه الخرافات فَأَما أَعْضَاء الْإِنْسَان الذُّكُور وَالْأُنْثَى فَذَلِك أَمر رَاجع إِلَى مُجَرّد اللَّفْظ والحاق عَلامَة التَّأْنِيث فِي تصغيره وَوَصفه وَخَبره وعود الضَّمِير عَلَيْهِ بِلَفْظ التَّأْنِيث وَجمعه جمع الْمُؤَنَّث وَلَيْسَ ذَلِك عَائِد إِلَى طبيعة الْعُضْو ومزاجه فنظير هَذَا قَول النُّحَاة الشَّمْس مُؤَنّثَة للحاق الْعَلامَة لَهَا فِي تصغيرها فَنَقُول شميسة وَفِي الْخَبَر عَنْهَا نَحْو الشَّمْس طالعة وَالْقَمَر مُذَكّر لعدم

<<  <  ج: ص:  >  >>