للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ لِأَن مُفَسّر الضَّمِير يكْتَفى فِيهِ بذلك وَهُوَ من أَنْوَاع البلاغة والايجاز فَأن كَانَ المُرَاد من الْقسم نُجُوم الْقُرْآن بَطل استدلاله بِالْآيَةِ وان كَانَ المُرَاد الْكَوَاكِب وَهُوَ قَول الْأَكْثَرين فَلَمَّا فِيهَا من الْآيَات الدَّالَّة على ربوبية الله تَعَالَى وانفراده بالخلق والابداع فانه لَا ينبغى ان تكون الإلهية أَلا لَهُ وَحده كَمَا انه وَحده المتفرد بخلقها وابداعها وَمَا تضمنته من الْآيَات والعجائب فالإقسام بهَا أوضح دَلِيل على تَكْذِيب الْمُشْركين والمنجمين والدهرية ونوعى المعطلة كَمَا تقدم وَكَذَلِكَ قَوْله والنجم الثاقب على ان فِيهِ قَوْلَيْنِ آخَرين غير القَوْل الذى ذكره

أَحدهمَا أَنه الثريا وَهَذَا قَول ابْن زيد حَكَاهُ عَنهُ أَبُو الْفرج بن الجوزى وَعنهُ رِوَايَة ثَانِيَة انه زحل حَكَاهَا عَنهُ ابْن عَطِيَّة

والثانى انه الجدى حَكَاهُ ابْن عَطِيَّة عَن ابْن عَبَّاس وَقَول آخر حَكَاهُ أَبُو الْفرج بن الجوزى عَن على بن أَحْمد النَّيْسَابُورِي أَنه جنس النُّجُوم وَأما قَوْله تَعَالَى {فالمدبرات أمرا} فَلم يقل اُحْدُ من الصَّحَابَة وَلَا التَّابِعين وَلَا الْعلمَاء بالتفسير انها النُّجُوم وَهَذِه الرِّوَايَات عَنْهُم فَقَالَ ابْن عَبَّاس هى الْمَلَائِكَة قَالَ عَطاء وكلت بِأُمُور عرفهم الله الْعَمَل بهَا وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن ساباط يدبر أُمُور الدِّينَا أَرْبَعَة جِبْرِيل وَهُوَ مُوكل بِالْوَحْي والجنود وَمِيكَائِيل وَهُوَ مُوكل بالقطر والنبات وَملك الْمَوْت وَهُوَ مُوكل بِقَبض الْأَنْفس واسرافيل وَهُوَ ينزل بِالْأَمر عَلَيْهِم وَقيل جِبْرِيل للوحي واسرافيل للصور وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة فالمدبرات أمرا الْمَلَائِكَة تنزل بالحلال وَالْحرَام وَلم يذكر المتوسعون فِي نقل أَقْوَال الْمُفَسّرين كَانَ الجوزى والماوردى وَابْن عَطِيَّة غير الْمَلَائِكَة حَتَّى قَالَ ابْن عَطِيَّة وَلَا أحفظ فلَانا انها الْمَلَائِكَة هَذَا مَعَ توسعه فِي النَّقْل وزيادته فِيهِ على ابي الْفرج وَغَيره حَتَّى انه لينفرد بأقوال لَا يحكيها غَيره فتفسير المدبرات بالنجوم كذب على الله وعَلى الْمُفَسّرين وَكَذَلِكَ المقسمات امرا لم يقل أحد من أهل التَّفْسِير الْعَالمين بِهِ أَنَّهَا النُّجُوم بل قَالُوا هى الْمَلَائِكَة الَّتِى تقسم أَمر الملكوت باذن رَبهَا من الأرزاق والآجال والخلق فِي الْأَرْحَام وَأمر الرِّيَاح وَالْجِبَال قَالَ ابْن عَطِيَّة لِأَن كل هَذَا إِنَّمَا هُوَ بملائكة تخدمه فالآية تَتَضَمَّن جَمِيع الْمَلَائِكَة لأَنهم كلهم فِي أُمُور مُخْتَلفَة قَالَ أَبُو الطُّفَيْل عَامر بن وائلة كَانَ على بن أبي طَالب علم الْمِنْبَر فَقَالَ لَا تسْأَلُون عَن آيَة من كتاب الله وَسنة مَاضِيَة أَلا قلت لكم فَقَامَ إِلَيْهِ ابْن الْكواء فَسَأَلَهُ عَن الذاريات ذَروا فالحملات وَقَرَأَ فَالْجَارِيَات يسرا فَالْمُقَسِّمَات أمرا فَقَالَ الذاريات الرِّيَاح والحاملات السَّحَاب والجاريات السفن والمقسمات الْمَلَائِكَة ثمَّ قَالَ سل سُؤال تعلم وَلَا تسْأَل سُؤال تعنت وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو الْفرج وَلم يذكر فِيهِ خلافًا فِي المقسمات امرا يعْنى الْمَلَائِكَة تقسم الْأُمُور على مَا امْر الله بِهِ قَالَ ابْن السَّائِب المقسمات أَرْبَعَة جِبْرِيل وَهُوَ صَاحب الْوَحْي والغلظة يعْنى الْعقُوبَة على أَعدَاء الرُّسُل وَمِيكَائِيل وَهُوَ صَاحب الرزق وَالرَّحْمَة وإسرافيل وَهُوَ صَاحب الصُّور واللوح وعزرائيل وَهُوَ قَابض الْأَرْوَاح فتفسير الْآيَة

<<  <  ج: ص:  >  >>