للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السفلي مترتبة على تَأْثِير الْكَوَاكِب والروحانيات الَّتِي هِيَ مدبرات الْكَوَاكِب وَإِن كَانَ فِي اتصالاتها نظر سعد ونحس وَجب أَن يكون فِي آثارها حسن وقبح فِي الْخلق والأخلاق والعقول الإنسانية مُتَسَاوِيَة فِي النَّوْع فَوَجَبَ أَن يُدْرِكهَا كل عقل سليم وَلَا يتَوَقَّف إِدْرَاكهَا على من هُوَ مثل ذَلِك الْعَاقِل فِي النَّوْع مَا هَذَا إِلَّا بشر مثلكُمْ يُرِيد أَن يتفضل عَلَيْكُم إِلَى آخر كلامكم المتضمن خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض بِغَيْر أَمر وَلَا نهي وَلَا ثَوَاب وَلَا عِقَاب وَهَذَا هُوَ الْبَاطِل الَّذِي نَفَاهُ الله سُبْحَانَهُ عَن نَفسه وَأخْبر أَنه ظن أعدائه الْكَافرين وَلِهَذَا اتّفق الْمُفَسِّرُونَ على أَن الْحق الَّذِي خلقت بِهِ السَّمَوَات وَالْأَرْض هُوَ الْأَمر وَالنَّهْي وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِمَا من الثَّوَاب وَالْعِقَاب فَمن جحد ذَلِك وَجحد رِسَالَة الرُّسُل وَكفر بالمعاد وأحال حوادث الْعَالم على حركات الْكَوَاكِب فقد زعم أَن خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض ابطل الْبَاطِل وَأَن الْعَالم خلق عَبَثا وَترك سدى وخلى هملا وَغَايَة مَا خلق لَهُ أَن يكون مُتَمَتِّعا باللذات الحسية كَالْبَهَائِمِ فِي هَذِه الْمدَّة القصيرة جدا ثمَّ يُفَارق الْوُجُود وتحدث حركات الْكَوَاكِب أشخاصا مثله هَكَذَا أبدا فَأَي بَاطِل أبطل من هَذَا وَأي عَبث فَوق هَذَا {أفحسبتم أَنما خَلَقْنَاكُمْ عَبَثا وأنكم إِلَيْنَا لَا ترجعون فتعالى الله الْملك الْحق لَا إِلَه إِلَّا هُوَ رب الْعَرْش الْكَرِيم} وَالْحق الَّذِي خلقت بِهِ السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا هُوَ إلهية الرب المتضمنة لكَمَال حكمته وَملكه وامره وَنَهْيه المتضمن لشرعة وثوابه وعقابه المتضمن لعدله وفضله ولقائه فَالْحق الَّذِي وجد بِهِ الْعَالم كَون الله سُبْحَانَهُ هُوَ الْإِلَه الْحق المعبود والآمر الناهي الْمُتَصَرف فِي الممالك بِالْأَمر وَالنَّهْي وَذَلِكَ يسْتَلْزم إرْسَال الرُّسُل وإكرام من اسْتَجَابَ لَهُم وَتَمام الإنعام عَلَيْهِ وإهانة من كفر بهم وكذبهم واختصاصه بالشقاء والهلاك وَذَلِكَ مَعْقُود بِكَمَال حِكْمَة الرب تَعَالَى وَقدرته وَعلمه وعدله وَتَمام ربوبيته وتصرفه وانفراده بالإلهية وجريان الْمَخْلُوقَات على مُوجب حكمته وإلهيته وَملكه التَّام وَأَنه أهل أَن يعبد ويطاع وَأَنه أولى من أكْرم أحبابه وأولياءه بالإكرام الَّذِي يَلِيق بعظمته وغناه وجوده وأهان أعداءه المعرضين عَنهُ الجاحدين لَهُ الْمُشْركين بِهِ المسوين بَينه وَبَين الْكَوَاكِب والأوثان والأصنام فِي الْعِبَادَة بالإهانة الَّتِي تلِيق بعظمته وجلاله وَشدَّة بأسه فَهُوَ الله الْعَزِيز الْعَلِيم غَافِر الذَّنب وقابل التوب شَدِيد الْعقَاب ذُو الطول لَا إِلَه إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمصير وَهُوَ ذُو الرَّحْمَة الواسعة الَّذِي لَا يرد باسه عَن الْقَوْم الْمُجْرمين أَلا لَهُ الْخلق وَالْأَمر تبَارك الله رب الْعَالمين وَهُوَ سُبْحَانَهُ خلق الْعَالم الْعلوِي والسفلي بِسَبَب الْحق وَلأَجل الْحق وَضَمنَهُ الْحق فبالحق كَانَ وللحق كَانَ وعَلى الْحق اشْتَمَل وَالْحق هُوَ توحيده وعبادته وَحده لَا شريك لَهُ وَمُوجب ذَلِك وَمُقْتَضَاهُ وَقَامَ بعدله الَّذِي هُوَ الْحق وعَلى الْحق اشْتَمَل فَمَا خلق الله شَيْئا إِلَّا بِالْحَقِّ وللحق وَنَفس خلقه لَهُ حق وَهُوَ شَاهد من شَوَاهِد الْحق فَإِن أَحَق الْحق هُوَ التَّوْحِيد كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>