للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَن اسْم الله مَكْتُوب عَلَيْهِمَا وَمِنْهُم من قَالَ لِأَن نورهما من نور الله وَمِنْهُم من قَالَ إِن التنكب عَن استقبالهما واستدبارهما أبلغ فِي التستر وَعدم ظُهُور الفرجين وَبِكُل حَال فَمَا لهَذَا وَلَا أَحْكَام النُّجُوم فان كَانَ هَذَا دَالا على دعواكم فدلالة النَّهْي عَن اسْتِقْبَال الْكَعْبَة بذلك أقوى وَأولى وَأما استدلاله بِأَن النَّبِي قَالَ يَوْم موت وَلَده ابراهيم إِن الشَّمْس وَالْقَمَر آيتان من آيَات الله لَا ينكسفان لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ فاذا رَأَيْتُمْ ذَلِك فافزعوا إِلَى الصَّلَاة وَهَذَا الحَدِيث صَحِيح وَهُوَ من أعظم الْحجَج على بطلَان قَوْلكُم فانه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبر أَنَّهُمَا آيتان من آيَات الله وآيات الله لَا يحصيها إِلَّا الله فالمطر والنبات وَالْحَيَوَان وَاللَّيْل وَالنَّهَار وَالْبر وَالْبَحْر وَالْجِبَال وَالشَّجر وَسَائِر الْمَخْلُوقَات آيَاته تَعَالَى الدّلَالَة عَلَيْهِ وَهِي فِي الْقُرْآن أَكثر من أَن نذكرها هَهُنَا فهما آيتان لَا ربان وَلَا إلهان وَلَا ينفعان وَلَا يضران وَلَا لَهما تصرف فِي أَنفسهمَا وذواتهما الْبَتَّةَ فضلا عَن إعطائهما كل مَا فِي الْعَالم من خير وَشر وَصَلَاح وَفَسَاد بل كل مَا فِيهِ من ذراته وأجزائه وكلياته وجزئياته لَهُ تَعَالَى الله عَن قَول المفترين الْمُشْركين علوا كَبِيرا وَفِي وَقَوله لَا ينكسفان لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ قَولَانِ

أَحدهمَا أَن موت الْمَيِّت وحياته لَا يكون سَببا فِي انكسافهما كَمَا كَانَ يَقُوله كثير من جهال الْعَرَب وَغَيرهم عِنْد الانكساف إِن ذَلِك لمَوْت عَظِيم أَو لولادة عَظِيم فَأبْطل النَّبِي ذَلِك وَأخْبر أَن موت الْمَيِّت وحياته لَا يُؤثر فِي كسوفهما الْبَتَّةَ

وَالثَّانِي أَنه لَا يحصل عَن انكسافهما موت وَلَا حَيَاة فَلَا يكون انكسافهما سَببا لمَوْت ميت وَلَا لحياة حَيّ وَإِنَّمَا ذَلِك تخويف من الله لِعِبَادِهِ أجْرى الْعَادة بحصوله فِي اوقات مَعْلُومَة بِالْحِسَابِ كطلوع الْهلَال وإبداره وسراره فَأَما سَبَب كسوف الشَّمْس فَهُوَ توَسط الْقَمَر بَين جرم الشَّمْس وَبَين أبصارنا فان الْقَمَر عِنْدهم جسم كثيف مظلم وفلكه دون فلك الشَّمْس فاذا كَانَ على مسامته إِحْدَى نقطتي الرَّأْس أَو الذَّنب أَو قَرِيبا مِنْهُمَا حَالَة الإجتماع من تَحت الشَّمْس حَال بَيْننَا وَبَين نور الشَّمْس كسحابة تمر تحتهَا إِلَى أَن يتجاوزها من الْجَانِب الآخر فَإِن لم يكن للقمر عرض ستر عَنَّا نور كل الشَّمْس وَإِن كَانَ لَهُ عرض فبقدر مَا يُوجِبهُ عرضه وَذَلِكَ أَن الخطوط الشعاعية تخرج من بصر النَّاظر إِلَى المرئي على شكل مخروط راسه عِنْد نقطة الْبَصَر وقاعدته عِنْد جرم المرئي فَإِن وجهنا أبصارنا إِلَى جرم الشَّمْس حَالَة كسوفها فَإِنَّهُ يَنْتَهِي إِلَى الْقَمَر أَو لَا مخروط الشعاع فاذا توهمنا نُفُوذه مِنْهُ إِلَى الشَّمْس وَقع جرم الشَّمْس فِي وسط المخروط وَإِن لم يكن للقمر عرض انكسف كل الشَّمْس وَإِن كَانَ للقمر عرض فبقدر مَا يُوجِبهُ عرضه ينحرف جرم الشَّمْس عَن مخروط الشعاع وَلَا يَقع كُله فِيهِ فينكسف بعضه وَيبقى الْبَاقِي على ضيائه وَذَلِكَ إِذا كَانَ الْعرض المرئي اقل من نصف مَجْمُوع قطر الشَّمْس وَالْقَمَر حَتَّى إِذا سَاوَى الْعرض المرئي نصف مَجْمُوع القطرين كَانَ صفحة الْقَمَر تماس مخروط الشعاع فَلَا ينكسف

<<  <  ج: ص:  >  >>