للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعين فالخطوط الشعاعية أقصر وَأقرب تلاقيا فَلذَلِك يخْتَلف قطع الْقَمَر غلظ الظل فِي أَوْقَات الكسوفات والموضع الَّذِي يقطعة الْقَمَر من الظل يسمونه فلك الجوزهر وَإِذا عرف عرف قطر الظل وَعرف مِقْدَار قطر نصف الْقَمَر وَجمع بَينهمَا وَنصف ذَلِك وَعرف عرض الْقَمَر إِن كَانَ لَهُ عرض فَإِن كَانَ الْعرض مُسَاوِيا لنصف مَجْمُوع القطرين فَإِن الْقَمَر يماس دَائِرَة الظل وَلَا ينكسف وَإِن كَانَ الْعرض أقل من نصف مجموعهما فَإِنَّهُ ينكسف فَينْظر إِن كَانَ مُسَاوِيا لنصف قطر الظل انكسف من الْقَمَر مثل نصف صفحته وَإِن كَانَ الْعرض أقل من نصف قطر الظل فينتقص الْعرض من نصف قطر الظل فَإِن كَانَ الْبَاقِي مثل قطر الْقَمَر انكسف كُله وَلَا يكون لَهُ مكث وَإِذا لم يكن لَهُ عرض انكسف كُله وَيمْكث زَمَانا أَكثر وأطول مَا يَمْتَد زمَان الْكُسُوف الْقمرِي أَربع سَاعَات وَأما زمَان لكسوف الشمسى فَلَا يزِيد على ساعتين وكسوف الْقَمَر يخْتَلف باخْتلَاف أوضاع المساكن إِذْ الْكُسُوف عَارض فِي جِهَة وَهُوَ عبوره فِي ظلام ظلّ الأَرْض بِخِلَاف كسوف الشَّمْس وَإِنَّمَا يخْتَلف الْوَقْت فَقَط بِأَن يكون فِي بعض المساكن على مضى سَاعَة من اللَّيْل وَفِي بَعْضهَا على مضى نصف سَاعَة وَقد يطلع منكسفا فِي بعض المساكن وينكسف بعد الطُّلُوع فِي بَعْضهَا وَقد لَا يرى منكسفا أصلا إِذا كَانَت الشَّمْس فَوق الأَرْض حَالَة الِاسْتِقْبَال وَيرى الخسوف فِي الْقَمَر أبدا يكون من طرفه الشَّرْقِي إِذْ هُوَ الذَّاهِب إِلَى الِاسْتِقْبَال نَحْو للشرق وَالدُّخُول فِي الظل بحركته ثمَّ ينحرف قَلِيلا قَلِيلا إِلَى الشمَال أَو الْجنُوب فِي بَدْء انجلائه أَيْضا من طرفه الشَّرْقِي وَأما فِي الشَّمْس فبدء الْكُسُوف من طرفها الغربي إِذْ الكاسف لَهَا يَأْتِي إِلَيْهَا من نَاحيَة الغرب وَكَذَلِكَ الانجلاء أَيْضا من الطّرف الغربي لَكِن بانحراف مِنْهُ إِلَى الشمَال والجنوب وَإِنَّمَا ذكرنَا هَذَا الْفَصْل وَلم يكن من غرضنا لِأَن كثيرا من هَؤُلَاءِ الأحكاميين يموهون على الْجُهَّال بِأَمْر الْكُسُوف ويؤهمونهم إِن قضاياهم وأحكامهم النجومية من السعد والنحس وَالظفر وَالْغَلَبَة وَغَيرهَا هِيَ من جنس الحكم بالكسوف فَيصدق بذلك الأغمار والرعاع وَلَا يعلمُونَ أَن الْكُسُوف يعلم بِحِسَاب سير النيرين فِي منازلهما وَذَلِكَ أَمر قد أجْرى الله تَعَالَى الْعَادة المطردة بِهِ كَمَا أجراها فِي الأبدار والسرار والهلال فَمن علم مَا ذَكرْنَاهُ فِي هَذَا الْفَصْل علم وَقت الْكُسُوف ودوامه ومقداره وَسَببه

وَأما انه يَقْتَضِي من التأثيرات فِي الْخَيْر وَالشَّر والسعد والنحس والإماتة والإحياء وَكَذَا وَكَذَا مِمَّا يحكم بِهِ المنجمون فَقَوْل على الله وعَلى خلقه بِمَا لَا يعلمُونَ نعم لَا ننكر أَن الله سُبْحَانَهُ يحدث عِنْد الكسوفين من أفضيته وأقداره مَا يكون بلَاء لقوم ومصيبة لَهُم وَيجْعَل الْكُسُوف سَببا لذَلِك وَلِهَذَا أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد الْكُسُوف بالفزع إِلَى مَا ذكر الله وَالصَّلَاة والعتاقة وَالصَّدَََقَة وَالصِّيَام لِأَن هَذِه الْأَشْيَاء تدفع مُوجب الكسف الَّذِي جعله الله سَببا لما جعله فلولا انْعِقَاد سَبَب التخويف لما أَمر بِدفع مُوجبه بِهَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>