للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدَّته فَمَاتَ فَأحرق الشافعى بعد ذَلِك تِلْكَ الْكتب وَمَا عاود النّظر فِي شَيْء مِنْهَا وَهَذَا الْإِسْنَاد رِجَاله ثِقَات لَكِن الشَّأْن فِيمَن حدث أَبَا الْوَلِيد بِهَذِهِ الْحِكَايَة عَن الْحسن بن سُفْيَان أَو فِيمَن حدث بهَا الْحسن عَن حزملة وَهَذِه الْحِكَايَة لَو صحت لوَجَبَ أَن تثنى الخناصر على هَذَا الْعلم وتشد بِهِ الأيدى لَا أَن تحرق كتبه ويهان غَايَة الإهانة وَيجْعَل طعمة للنار وَهَذَا لَا يفعل إِلَّا بكتب الْمحَال وَالْبَاطِل

ثمَّ إِنَّه لَيْسَ فِي الْعَالم طالع للولادة يقتضى هَذَا كُله كَمَا سَنذكرُهُ عَن قريب إِن شَاءَ الله تَعَالَى والطالع عِنْد المنجمين طالعان طالع مسْقط النُّطْفَة وَهُوَ الطالع الأصلى وَهَذَا لَا سَبِيل إِلَّا الْعلم بِهِ إِلَّا فِي أندر النَّادِر الَّذِي لَا يَقْتَضِيهِ الْوُجُود وَالثَّانِي طالع الْولادَة وهم معترفون أَنه لَا يدل على أَحْوَال الْوَلَد وجزئيات امْرَهْ لِأَنَّهُ انْتِقَال الْوَلَد من مَكَان إِلَى مَكَان وَإِنَّمَا أَخَذُوهُ بَدَلا من الطالع الأصلى لما تعذر عَلَيْهِم اعْتِبَاره وَهَذَا الْحِكَايَة لَيْسَ فِيهَا أَخذ وَاحِد من الطالعين لِأَن فِيهَا الحكم على الْمَوْلُود قبل خُرُوجه من غير اعْتِبَار طالعه الأصلى والمنجم يقطع بِأَن الحكم على هَذَا الْوَلَد لَا سَبِيل إِلَيْهِ وَلَيْسَ فِي صناعَة النُّجُوم مَا يُوجب الحكم عَلَيْهِ وَالْحَالة هَذِه وَهَذَا يدل على أَن هَذِه الْحِكَايَة كذب مختلق على الشافعى على هَذَا الْوَجْه وَكَذَلِكَ الْحِكَايَة الثَّالِثَة وَهِي مَا رَوَاهُ الْحَاكِم أَيْضا أنباني عبد الرَّحْمَن بن الْحسن القاضى أَن زَكَرِيَّا بن يحيى الساجى حَدثهمْ أَخْبرنِي أَحْمد بن مُحَمَّد بن بنت الشافعى قَالَ سَمِعت أبي يَقُول كَانَ الشافعى وَهُوَ حدث ينظر فِي النُّجُوم وَمَا نظر فِي شَيْء إِلَّا فاق فِيهِ فَجَلَسَ يَوْمًا وَامْرَأَة تَلد فَحسب فَقَالَ تَلد جَارِيَة عوراء على فرجهَا خَال أسود وَتَمُوت إِلَى كَذَا وَكَذَا فَولدت فَكَانَ كَمَا قَالَ فَجعل على نَفسه أَلا ينظر فِيهِ أبدا وَأمر هَذِه الْحِكَايَة كالتى قبلهَا فَأن ابْن بنت الشافعى لم يلق الشافعى وَلَا رَآهُ والشأن فِيمَن حَدثهُ بِهَذَا عَنهُ وَالَّذِي عندى فِي هَذَا أَن النَّاقِل إِن أحسن بِهِ الظَّن فَإِنَّهُ غلط على الشافعى والشافعى كَانَ من أَفرس النَّاس وَكَانَ قد قَرَأَ كتب الفراسة وَكَانَت لَهُ فِيهَا الْيَد الطُّولى فَحكم فِي هَذِه الْقَضِيَّة وأمثالها بالفراسة فَأصَاب الحكم فَظن النَّاقِل أَن الْحَاكِم كَانَ يسْتَند إِلَى قضايا النُّجُوم وأحكامها وَقد برأَ الله من هُوَ دون الشافعى من ذَلِك الهذيان فَكيف بِمثل الشافعى رَحمَه الله فِي عقله وَعلمه ومعرفته حَتَّى يروج عَلَيْهِ هذيان المنجمين الَّذِي لَا يروج إِلَّا على جَاهِل ضَعِيف الْعقل وتنزيه الشافعى رَحمَه الله عَن هَذَا هُوَ الذى ينبغى أَن يكون من مناقبه فَأَما أَن يذكر فِي مناقبه أَنه كَانَ منجما يرى القَوْل بِأَحْكَام النُّجُوم وتصحيحها فَهَذَا فعل من يذم بِمَا يَظُنّهُ مدحا وَإِذا كَانَ الشافعى شَدِيد الْإِنْكَار على الْمُتَكَلِّمين مزريا بهم وَكَانَ حكمه فيهم أَن يضْربُوا بالحديد وَيُطَاف بهم فِي الْقَبَائِل فَمَاذَا رَأْيه فِي المنجمين وَهُوَ أجل وَأعلم من ان يحكم بِهَذَا الحكم على أهل الْحق وَمن قضاياهم فِي الصدْق ينتهى إِلَى الْحَد الذى ذكر فِي هَذِه الْكِتَابَة فَذكر عبد الرَّحْمَن بن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَغَيرهمَا عَن الحميدى قَالَ قَالَ الشافعى خرجت

<<  <  ج: ص:  >  >>