للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا مَحْبُوس ثمَّ لما سألتماني فِي الثَّانِيَة نظرت فَإِذا هُوَ أفرغ من الْقرْبَة فَقلت يخلص ويصيب تَارَة ويخطىء تَارَة

وَمن هَذَا أَخذ بَعضهم الْجَواب عَن التفاؤل بِالْأَيَّامِ فَإِذا رأى أحد رُؤْيا مثلا يَوْم أحد أَو ابْتَدَأَ فِيهِ امرا قَالَ حِدة وَقُوَّة وَإِن كَانَ يَوْم الْجُمُعَة قَالَ اجْتِمَاع والفة وَإِن كَانَ يَوْم سبت قَالَ قطع وَفرْقَة

وَمن هَذَا اسْتِدْلَال الْمَسْئُول بِالْمَكَانِ الَّذِي يضع السَّائِل يَده عَلَيْهِ من جسده وَقت السُّؤَال فَإِن وضع يَده على رَأسه فَهُوَ رئيسه وكبيره وَالرّجلَيْنِ قوامه وَالْأنف بِنَاء مُرْتَفع أَو تل أَو نَحوه والفم بِئْر عذبة اللِّحْيَة أَشجَار وزروع وعَلى هَذَا النَّحْو من ذَلِك مَا حكى عَن المهدى أَنه رأى رُؤْيا وأنسيها فَأصْبح مغتما بهَا فَدلَّ على رجل كَانَ يعرف الزّجر والفأل وَكَانَ حاذقا بِهِ واسْمه خويلد فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ أخبرهُ بِالَّذِي أَرَادَهُ لَهُ فَقَالَ لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ صَاحب الزّجر والفأل ينظر إِلَى الْحَرَكَة وأخطار النَّاس فَغَضب الْمهْدي وَقَالَ سُبْحَانَ الله أحدكُم يذكر بِعلم وَلَا يدْرِي مَا هُوَ وَمسح يَده على رَأسه وَوَجهه وَضرب بهَا على فَخذه فَقَالَ لَهُ أخْبرك برؤياك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ هَات قَالَ رَأَيْت كَأَنَّك صعدت جبلا فَقَالَ الْمهْدي لله ابوك يَا سحار صدقت قَالَ مَا أَنا بساحر يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ غير أَنَّك مسحت بِيَدِك على رَأسك فزجرت لَك وَعلمت أَن الرَّأْس لَيْسَ فَوْقه أحد إِلَّا السَّمَاء فَأَوَّلْته بِالْجَبَلِ ثمَّ نزلت بِيَدِك إِلَى جبهتك فزجرت لَك بنزولك إِلَى أَرض ملساء فِيهَا عينان مالحتان ثمَّ انحدرت إِلَى سفح الْجَبَل فَلَقِيت رجلا من فخذك قُرَيْش لِأَن أَمِير الْمُؤمنِينَ مسح بعد ذَلِك بِيَدِهِ على فَخذه فَعلمت أَن الرجل الَّذِي لقِيه من قرَابَته قَالَ صدقت وَأمر لَهُ بِمَال وَأمر أَن لَا يحجب عَنهُ

وَمن ذَلِك هَؤُلَاءِ أَصْحَاب الطير السانح والبارح والقعيد والناطح وأصل هَذَا أَنهم كَانُوا يزجرون الطير والوحش ويثيرونها فَمَا تيامن مِنْهَا وَأخذ ذَات الْيَمين سموهُ سانحا وَمَا تياسر مِنْهَا سموهُ بارحا وَمَا اسْتَقْبَلَهُمْ مِنْهَا فَهُوَ الناطح وَمَا جَاءَهُم من خَلفهم سموهُ القعيد فَمن الْعَرَب من يتشاءم بالبارح ويتبرك بالسانح وَمِنْهُم من يرى خلاف ذَلِك قَالَ الْمَدَائِنِي سَأَلت رؤبة بن العجاج مَا السانح قَالَ مَا ولاك ميامنه قَالَ قلت فَمَا البارح قَالَ مَا ولاك مياسره قَالَ وَالَّذِي يَجِيء من قدامك فَهُوَ الناطح والنطيح وَالَّذِي يجىء من خَلفك فَهُوَ الْقَاعِد والقعيد وَقَالَ الْمفضل الضَّبِّيّ البارح مَا يَأْتِيك عَن الْيَمين يُرِيد يسارك والسانح مَا يَأْتِيك عَن الْيَسَار فيمر على الْيَمين وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي مراتبها ومذاهبها لِأَنَّهَا خواطر وحدوس وتخمينات لَا أصل لَهَا فَمن تبرك بِشَيْء مدحه وَمن تشاءم بِهِ ذمه وَمن اشْتهر بِإِحْسَان الزّجر عِنْدهم ووجوهه حَتَّى قَصده النَّاس بالسؤال عَن حوادثهم وَمَا أَملوهُ من أَعْمَالهم سموهُ عائفا وعرافا وَقد كَانَ فِي الْعَرَب جمَاعَة يعْرفُونَ بذلك كعراف الْيَمَامَة والأبلق الأسيدى وَالْأَجْلَح وَعُرْوَة بن يزِيد وَغَيرهم فَكَانُوا يحكمون بذلك ويعملون بِهِ ويتقدمون ويتأخرون فِي جَمِيع مَا يَتَقَلَّبُونَ فِيهِ ويتصرفون فِي حَال الْأَمْن وَالْخَوْف وَالسعَة والضيق وَالْحَرب وَالسّلم فان أنجحوا

<<  <  ج: ص:  >  >>