السّبْعين ألفا الَّذين يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب أَنهم الَّذين لَا يَكْتَوُونَ وَلَا يسْتَرقونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وعَلى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ زَاد مُسلم وَحده وَلَا يرقون فَسمِعت شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية يَقُول هَذِه الزِّيَادَة وهم من الراوى لم يقل النَّبِي وَلَا يرقون لِأَن الراقي محسن إِلَى أَخِيه وَقد قَالَ النَّبِي وَقد سُئِلَ عَن الرقي فَقَالَ من اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن ينفع أَخَاهُ فلينفعه وَقَالَ لَا بَأْس بالرقي مالم يكن شركا وَالْفرق بَين الراقي والمسترقي أَن المسترقي سَائل مسْقط ملتفت إِلَى غير الله بِقَلْبِه والراقي محسن نَافِع
قلت وَالنَّبِيّ لَا يَجْعَل ترك الْإِحْسَان الْمَأْذُون فِيهِ سَببا للسبق إِلَى الْجنان وَهَذَا بِخِلَاف ترك الإسترقاء فَإِنَّهُ توكل على الله ورغبة عَن سُؤال غَيره ورضاء بِمَا قَضَاهُ وَهَذَا شَيْء وَهَذَا شَيْء وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي لَا عدوى وَلَا طيرة وَأحب الفال الصَّالح وَنَحْوه من حَدِيث انس وَهَذَا يحْتَمل أَن يكون نفيا وَأَن يكون نهيا أى لَا تطيروا وَلَكِن قَوْله فِي الحَدِيث وَلَا عدوى وَلَا صفر وَلَا هَامة يدل على أَن المُرَاد النفى وَإِبْطَال هَذِه الْأُمُور الَّتِى كَانَت الْجَاهِلِيَّة تعانيها وَالنَّفْي فِي هَذَا أبلغ من النهى لِأَن النَّفْي يدل على بطلَان ذَلِك وَعدم تَأْثِيره والنهى إِنَّمَا يدل على الْمَنْع مِنْهُ وَقد روى ابْن مَاجَه فِي سنَنه من حَدِيث سُفْيَان عَن سَلمَة عَن عِيسَى بن عَاصِم عَن ذَر عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله الطَّيرَة شرك وَمَا منا وَلَكِن الله يذهبه بالتوكل وَهَذِه اللَّفْظَة وَمَا منا إِلَى آخِره مدرجة فِي الحَدِيث لَيست من كَلَام النَّبِي كَذَلِك قَالَه بعض الْحفاظ وَهُوَ الصَّوَاب فَإِن الطَّيرَة نوع من الشّرك كَمَا هُوَ فِي أثر مَرْفُوع من ردته الطَّيرَة فقد قَارن الشّرك وَفِي أثر من أرجعته الطَّيرَة من حَاجَة فقد أشرك قَالُوا وَمَا كَفَّارَة ذَلِك قَالَ أَن يَقُول أحدكُم اللَّهُمَّ لَا طير إِلَّا طيرك وَلَا خير إِلَّا خيرك
وَفِي صَحِيح مُسلم من حَدِيث مُعَاوِيَة بن الحكم السلمى أَنه قَالَ يَا رَسُول الله وَمنا أنَاس يَتَطَيَّرُونَ فَقَالَ ذَلِك شَيْء يجده أحدكُم فِي نَفسه فَلَا يصدنه فَأخْبر أَن تأذية وتشاؤمه بالتطير إِنَّمَا هُوَ فِي نَفسه وعقيدته لافي المتطير بِهِ فوهمه وخوفه وإشراكه هُوَ الَّذِي يطيره ويصده لَا مَا رَآهُ وسَمعه فأوضح لأمته الْأَمر وَبَين لَهُم فَسَاد الطَّيرَة ليعلموا أَن الله سُبْحَانَهُ لم يَجْعَل لَهُم عَلَيْهَا عَلامَة وَلَا فِيهَا دلَالَة وَلَا نصبها سَببا لما يخافونه ويحذرونه لتطمئن قُلُوبهم ولتسكن نُفُوسهم إِلَى وحدانيتة تَعَالَى الَّتِى أرسل بهَا رسله وَأنزل بهَا كتبه وَخلق لأَجلهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض وَعمر الدَّاريْنِ الْجنَّة وَالنَّار فبسبب التَّوْحِيد وَمن أَجله جعل الْجنَّة دَار التَّوْحِيد وموجباته وحقوقه وَالنَّار دَار الشّرك وَلَو ازمه وموجباته فَقطع علق الشّرك من قُلُوبهم لِئَلَّا يبْقى فِيهَا علقَة مِنْهَا وَلَا يتلبسوا بِعَمَل من أَعمال أَهله الْبَتَّةَ
وَفِي الحَدِيث الْمَعْرُوف أَقُول
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute