للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على مكانتها قَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي الْغَرِيب أَرَادَ لَا تزجروها وَلَا تلتفتوا إِلَيْهَا أقروها على موَاضعهَا الَّتِي جعلهَا الله لَهَا وَلَا تتعدوا ذَلِك إِلَى غَيره أَي أَنَّهَا لَا تضر وَلَا تَنْفَع وَقَالَ غَيره الْمَعْنى أقروها على أمكنتها فَإِنَّهُم كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا أَرَادَ أحدهم سفرا أَو امرا من الْأُمُور أثار الطير من أوكارها لينْظر أَي وَجه تسلك وَإِلَى نَاحيَة تطير فان خرجت ذَات الْيَمين خرج لسفره وَمضى لأَمره وَإِن أخذت ذَات الشمَال رَجَعَ وَلم يمض فَأَمرهمْ أَن يقروها فِي أمكنتها وأبطل فعلهم ذَلِك ونهاهم عَنهُ كَمَا أبطل الاستقسام بالأزلام

وَقَالَ ابْن جرير معنى ذَلِك أقرُّوا الطير الَّتِي تزجرونها فِي موَاضعهَا المتمكنة فِيهَا الَّتِي هِيَ لَهَا مُسْتَقر وامضوا لأموركم فان زجركم إِيَّاهَا غير مجد عَلَيْكُم نفعا وَلَا دَافع عَنْكُم ضَرَرا

وَقَالَ آخَرُونَ هَذَا تَصْحِيف من الروَاة وَخطأ مِنْهُم وَلَا يعرف المكنات إِلَّا أَسمَاء الْبيض الضباب دون غَيرهَا قَالَ الجوهرى الْمُمكن الْبيض الضَّب قَالَ وَمكن الضباب طَعَام الْعَرَب لَا تشتهيه نفوس الْعَجم وَفِي الحَدِيث أقرُّوا على الطير مَكَانهَا بِالضَّمِّ وَالْفَتْح قَالَ أَبُو زِيَاد الْكلابِي وَغَيره إِنَّا لَا نَعْرِف للطير مكنات فَأَما المكنات فانما هِيَ الضباب قَالَ أَبُو عبيد وَيجوز فِي الْكَلَام وَإِن كَانَ الْمُمكن الضباب فِي أَن يَجْعَل للطير تَشْبِيها بذلك كَقَوْلِهِم مشافر الْحَبَش وَإِنَّمَا المشافر لِلْإِبِلِ وكقول زُهَيْر يصف الْأسد لَهُ لبد أَظْفَاره لم تقلم وَإِنَّمَا لَهُ مخالب قَالَ هَؤُلَاءِ فَلَعَلَّ الرَّاوِي سمع أقرّ الطير فِي وكناتها بِالْوَاو وَلِأَن وكنات الطير عشها وَحَيْثُ تسْقط عَلَيْهِ من الشّجر وتأوى إِلَيْهِ وَفِي اثر آخر ثَلَاث من كن فِيهِ لم ينل الدَّرَجَات العلى من تكهن أَو استقسم أَو رَجَعَ من سفر من طيرة وَقد رفع هَذَا الحَدِيث فَمن استمسك بِعُرْوَة التَّوْحِيد الوثقى واعتصم بحبله المتين وتوكل على الله قطع بِأَحْسَن الطَّيرَة من قبل استقرارها وبادر خواطرها من قبل استمكانها قَالَ عِكْرِمَة كُنَّا جُلُوسًا عِنْد ابْن عَبَّاس فَمر طَائِر يَصِيح فَقَالَ رجل من الْقَوْم خير خير فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس لَا خير وَلَا شَرّ مبادرة بالإنكار عَلَيْهِ لِئَلَّا يعْتَقد لَهُ تَأْثِيرا فِي الْخَيْر أَو الشَّرّ وَخرج طَاوُوس مَعَ صَاحب لَهُ فِي سفر فصاح غراب فَقَالَ الرجل خير فَقَالَ طَاوُوس وَأي خير عِنْده وَالله لَا تصحبني وَقيل لكعب هَل تتطير فَقَالَ نعم فَقيل لَهُ فَكيف تَقول إِذا تطيرت قَالَ أَقُول اللَّهُمَّ لَا طير إِلَّا طيرك وَلَا خير إِلَّا خيرك وَلَا غَيْرك وَلَا قُوَّة إِلَّا بك وَكَانَ بعض السّلف يَقُول عِنْد ذَلِك طير الله لَا طيرك وصياح الله لَا صياحك وَمَسَاء الله لامساك وَقَالَ ابْن عبد الحكم لما خرج عمر بن عبد الْعَزِيز من الْمَدِينَة قَالَ مُزَاحم فَنَظَرت فَإِذا الْقَمَر فِي الدبر ان فَكرِهت أَن اقول لَهُ فَقلت أَلا تنظر إِلَى الْقَمَر مَا أحسن استواءه فِي هَذِه اللَّيْلَة قَالَ فَنظر عمر فَإِذا هُوَ فِي الدبران فَقَالَ كَأَنَّك اردت أَن تعلمني أَن الْقَمَر فِي الدبران يَا مُزَاحم إِنَّا لَا نخرج بشمس وَلَا بقمر وَلَكنَّا نخرج بِاللَّه الْوَاحِد القهار فان قيل فَمَا تَقولُونَ فِيمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>