للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجذام تشتد رَائِحَته حَتَّى يسقم من أَطَالَ مُجَالَسَته وموا كلته وَكَذَا الْمَرْأَة تكون تَحت المجذوم فتضاجعه فِي شعار وَاحِد فيوصل إِلَيْهَا الْأَذَى وَرُبمَا جذمت وَكَذَلِكَ وَلَده ينزعون فِي الْكبر إِلَيْهِ وَكَذَلِكَ من بِهِ سل ودق وتعب الْأَطِبَّاء تَأمر أَن لَا يُجَالس المجذوم وَلَا المسلول وَلَا يُرِيدُونَ بذلك معنى الْعَدْوى وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ بِهِ معنى تغير الرَّائِحَة وَأَنَّهَا قد تسقم من أَطَالَ اشتمامها والأطباء أبعد النَّاس من الْإِيمَان بيمن وشؤم وَكَذَلِكَ النقبة تكون بالبعير وَهُوَ جرب رطب فَإِذا خالط الْإِبِل أَو حاكها واوي فِي مباركها أوصل إِلَيْهَا بِالْمَاءِ الَّذِي يسيل مِنْهُ والنطف نَحوا مِمَّا بِهِ فَهَذَا هُوَ الْمَعْنى الَّذِي قَالَ رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم لَا يُورد ذُو عاهة على مصح كره أَن يخالط الْمُصَاب الصَّحِيح فيناله من نطفه وحكمته نَحْو مِمَّا بِهِ قَالَ وَقد ذهب قوم إِلَى أَنه أَرَادَ بذلك أَن لَا يظنّ أَن الَّذِي نَالَ إبِله من ذَوَات العاهة فيأثم وَلَيْسَ لهَذَا عِنْدِي وَجه إِلَّا الَّذِي خبرتك بِهِ عيَانًا وَأما الْجِنْس الآخر من الْعَدْوى فَهُوَ الطَّاعُون ينزل بِبَلَد فَيخرج مِنْهُ خوف الْعَدْوى حَدثنِي سهل بن مُحَمَّد قَالَ حَدثنِي الْأَصْمَعِي عَن بعض المصريين أَنه هرب من الطَّاعُون فَركب حمارا وَمضى بأَهْله نَحْو حلوان فَسمع حَادِيًا يَحْدُو خَلفه وَهُوَ يَقُول:

لن يسْبق الله على حمَار ... وَلَا على ذِي هيعة مطار

أَو يَأْتِي الحتف على مِقْدَار ... قد يصبح الله أَمَام الساري

وَقد قَالَ رَسُول الله إِذا كَانَ بِالْبَلَدِ الَّذِي أَنْتُم فِيهِ فَلَا تخْرجُوا مِنْهُ وَقَالَ إِن كَانَ بِبَلَد فَلَا تدخلوه يُرِيد بقوله لَا تخْرجُوا من الْبَلَد أذا كَانَ فِيهِ كأنكم تظنون أَن الْفِرَار من قدر الله ينجيكم من الله وَيُرِيد إِن كَانَ بِبَلَد فَلَا تدخلوه فَإِن مقامكم فِي الْموضع الَّذِي لَا طاعون فِيهِ أسكن لأنفسكم وَأطيب لمعيشتكم وَمن ذَلِك الْمَرْأَة تعرف بالشؤم وَالدَّار فينال الرجل مَكْرُوه أَو جَائِحَة فَيَقُول أعدتني بشؤمها فَهَذَا هُوَ الْعَدْوى الَّذِي قَالَ فِيهِ رَسُول الله لَا عدوى فَأَما الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَة رضى الله عَنهُ أَنه قَالَ الشؤم فِي الْمَرْأَة وَالدَّار وَالدَّابَّة فَإِن هَذَا الحَدِيث يتَوَهَّم فِيهِ الْغَلَط على أَبى هُرَيْرَة وَأَنه سمع فِيهِ شَيْئا من رَسُول الله فَلم يعه حَدثنِي مُحَمَّد بن الْقطعِي حَدثنَا عبد الْأَعْلَى عَن سعيد عَن قَتَادَة عَن أَبى حسان الْأَعْرَج أَن رجلَيْنِ دخلا على عَائِشَة فَقَالَا إِن أَبَا هُرَيْرَة رضى الله عَنهُ يحدث عَن رَسُول الله أَنه قَالَ إِنَّمَا الطَّيرَة فِي الْمَرْأَة وَالدَّار وَالدَّابَّة فطارت شفقا ثمَّ قَالَت كذب وَالَّذِي أنزل الْفرْقَان على أَبى الْقَاسِم من حدث بِهَذَا عَن رَسُول الله إِنَّمَا قَالَ رَسُول الله كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يَقُولُونَ إِن الطَّيرَة فِي الدَّابَّة وَالْمَرْأَة وَالدَّار ثمَّ قَرَأت مَا أصَاب من مُصِيبَة فِي الأَرْض وَلَا فِي أَنفسكُم إِلَّا فِي كتاب من قبل أَن نبراها حَدثنِي أَبى قَالَ حَدثنِي أَحْمد بن الْخَلِيل حَدثنَا مُوسَى بن مَسْعُود النَّهْدِيّ عَن

<<  <  ج: ص:  >  >>