للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِكْرِمَة بن عمار عَن اسحق بن عبد الله بن أَبى طَلْحَة عَن أنس بن مَالك رضى الله عَنهُ قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي فَقَالَ يَا رَسُول الله أَنا نزلنَا دَارا فَكثر فِيهَا عددنا وَكَثُرت فِيهَا أَمْوَالنَا ثمَّ تَحَوَّلْنَا عَنْهَا إِلَى أُخْرَى فَقلت فِيهَا أَمْوَالنَا وَقل فِيهَا عددنا فَقَالَ رَسُول الله ذروها وهى ذميمه ٠ قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَهَذَا لَيْسَ ينْقض الحَدِيث الأول وَلَا الحَدِيث الأول ينْقض هَذَا وَإِنَّمَا أَمرهم بالتحول مِنْهَا لأَنهم كَانُوا مقيمين فِيهَا على استثقال لظلها واستيحاش لما نالهم فِيهَا فَأَمرهمْ بالتحول وَقد جعل الله فِي غرائز النَّاس وتركيبهم استثقال مَا نالهم السوء فِيهِ وَإِن كَانَ لَا سَبَب لَهُ فِي ذَلِك وَحب من جرى على يَده الْخَيْر لَهُم وَأَن لم يردهم بِهِ وبغض من جرى على يَده الشَّرّ لَهُم وَإِن لم يردهم بِهِ وَكَيف يتطير والطيرة من الجبت وَكَانَ كثير من الْجَاهِلِيَّة لَا يرونها شَيْئا ويمدحون من كذب بهَا ثمَّ أنْشد مَا ذكرنَا من الأبيات سالفا ثمَّ قَالَ حَدثنَا اسحق بن رَاهَوَيْه أخبرنَا عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن إِسْمَاعِيل بن أَبى أُمِّيّه قَالَ قَالَ رَسُول الله ثَلَاث لَا يسلم مِنْهُنَّ أحد الطَّيرَة وَالظَّن والحسد قيل فَمَا الْمخْرج مِنْهُنَّ قَالَ إِذا تطيرت فَلَا ترجع وَإِذا ظَنَنْت فَلَا تحقق وَإِذا حسدت فَلَا تَبْغِ هَذِه الْأَلْفَاظ أَو نَحْوهَا حَدثنِي أَبُو حَاتِم قَالَ حَدثنَا الْأَصْمَعِي عَن سعيد بن سَالم عَن أَبِيه أَنه كَانَ يعجب مِمَّن يصدق بالطيرة ويعيبها أَشد الْعَيْب وَقَالَ فرقت لنا نَاقَة وَأَنا بِالطَّائِف فركبت فِي أَثَرهَا فلقيني هَانِيء ين عبيد من بنى وَائِل وَهُوَ مسرع وَهُوَ يَقُول ٠ الشَّرْع يلقى مطالع إِلَّا كم ٠ ثمَّ لَقِيَنِي آخر من الْحَيّ وَهُوَ يَقُول ٠

وَلَئِن بغيت لَهُم بغاة ... مَا الْبُغَاة بواجدينا

ثمَّ دفعنَا إِلَى غُلَام قد وَقع فِي صغره فِي نَار فَأَحْرَقتهُ فقبح وَجهه وَفَسَد فَقلت لَهُ هَل ذكرت من نَاقَة فَارق قَالَ هَهُنَا أهل بَيت من الْأَعْرَاب فَانْظُر فَنَظَرت فَإِذا هِيَ عِنْدهم وَقد نتجت فأخذناها وَوَلدهَا قَالَ أَبُو مُحَمَّد الْفَارِق الَّتِي ضلت ففارقت صواحبها وَقَالَ عِكْرِمَة كُنَّا جُلُوسًا عِنْد ابْن عَبَّاس فَمر طَائِر يَصِيح فَقَالَ رجل خير خير فَقَالَ ابْن عَبَّاس لَا خير وَلَا شَرّ وَكَانَ رَسُول الله يسْتَحبّ الِاسْم الْحسن والفأل الصَّالح حَدثنِي الرياشى حَدثنَا الْأَصْمَعِي قَالَ سَأَلت ابْن عون عَن الفأل فَقَالَ هُوَ أَن يكون مَرِيضا فَيسمع يَا سَالم أَو يكون بَاغِيا فَيسمع يَا وَاجِد وَهَذَا أَيْضا مِمَّا جعل فِي غرائز النَّاس وتركيبهم اسْتِحْبَابه والأنس بِهِ وكما جعل على الْأَلْسِنَة من التَّحِيَّة بِالسَّلَامِ وَالْمدّ فِي الأصب والتبشير بِالْخَيرِ وكما يُقَال أنعم وَأسلم وأنعم صباحا وكما تَقول الْفرس عش ألف نوروز وَالسَّامِع لهَذَا يعلم أَنه لَا يقدم وَلَا يُؤَخر وَلَا يزِيد وَلَا ينقص وَلَكِن جعل فِي الطباع محبَّة الْخَيْر والارتياح للبشرى والمنظر الأنيق وَالْوَجْه الْحسن وَالِاسْم الْخَفِيف وَقد يمر الرجل بالروضة المنورة فتسره وهى لَا تَنْفَعهُ وبالماء الصافي

<<  <  ج: ص:  >  >>