وَأَنْتَ لَا تُلْحِقُهُ نَسَبَ وَلَدِهَا مَعَ الْوَطْءِ الَّذِي يَجُوزُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ النَّسَبُ فِي النِّكَاحِ, وَالْعَبْدُ وَالْكَافِرُ إنَّمَا لَمْ يَرِثَا لِلرِّقِّ وَالْكُفْرِ وَهُمَا يَمْنَعَانِ التَّوَارُثَ بَيْنَهُمَا, وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْمُتْعَةِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ مِنْ صَاحِبِهِ; فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مَا يَقْطَعُ الْمِيرَاثَ ثُمَّ لَمْ يَرِثْ مَعَ وُجُودِ الْمُتْعَةِ عَلِمْنَا أَنَّ الْمُتْعَةَ لَيْسَتْ بِنِكَاحٍ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ نِكَاحًا لَأَوْجَبَتْ الْمِيرَاثَ مَعَ وُجُودِ سَبَبِهِ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ لَهُ مِنْ قِبَلِهِمَا. وَأَيْضًا قَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إنَّهَا لَيْسَ بِنِكَاحٍ وَلَا سِفَاحٍ; فَإِذَا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ نَفَى عَنْهَا اسْمَ النِّكَاحِ وَجَبَ أَنْ لَا تَكُونَ نِكَاحًا; لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْأَسْمَاءِ فِي الشَّرْعِ وَاللُّغَةِ, فَإِذَا كَانَ هُوَ الْقَائِلَ بِالْمُتْعَةِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يَرَهَا نِكَاحًا وَنَفَى عَنْهَا الِاسْمَ ثَبَتَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِنِكَاحٍ.
وَمِمَّا يُوجِبُ تَحْرِيمَهَا مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ; وَقَالَ فِيهِ غَيْرُ مَالِكٍ: إنَّ عَلِيًّا قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: "إنَّك امْرُؤٌ تَيَّاهٌ, إنَّمَا الْمُتْعَةُ إنَّمَا كَانَتْ رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ نَهَى عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ خَيْبَرَ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ". وَرُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ, رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِي آخَرِينَ. وَرَوَى عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ: "إنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْمُتْعَةَ بِالطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ وَالْمِيرَاثِ". وَرَوَى عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْسٍ عَنْ إيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ فِي مُتْعَةِ النِّسَاءِ عَامَ أَوْطَاسٍ ثُمَّ نَهَى عَنْهَا" وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَلْخِيّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ وَمَا كُنَّا مُسَافِحِينَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْلُهُ: "وَمَا كُنَّا مُسَافِحِينَ" يَحْتَمِلُ وُجُوهًا: أَحَدُهَا: أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مُسَافِحِينَ حِينَ أُبِيحَتْ لَهُمْ الْمُتْعَةُ, يَعْنِي أَنَّهَا لَوْ لَمْ تُبَحْ لَمْ يَكُونُوا لِيُسَافِحُوا, وَنَفَى بِذَلِكَ قَوْلَ مَنْ قَالَ إنَّهَا أُبِيحَتْ لِلضَّرُورَةِ كَالْمِيتَةِ وَالدَّمِ ثُمَّ نُهِيَ عَنْهَا بَعْدُ. وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا لِيَفْعَلُوا ذَلِكَ بَعْدَ النَّهْيِ فَيَكُونُوا مُسَافِحِينَ, وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا فِي حَالِ الْإِبَاحَةِ مُسَافِحِينَ بِالتَّمَتُّعِ; إذْ كَانَتْ مُبَاحَةً. وَقَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو داود قال: حدثنا مسدد قال: حدثنا عبد الْوَارِثِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَتَذَاكَرْنَا مُتْعَةَ النِّسَاءِ, فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ رَبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ: أَشْهَدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute