للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مطلب: وأما الصدقة على الوجوه]

وَأَمَّا الصَّدَقَةُ فَعَلَى وُجُوهٍ: مِنْهَا: الصَّدَقَةُ بِالْمَالِ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَرْضًا تَارَةً وَنَفْلًا أُخْرَى وَمِنْهَا: مَعُونَةُ الْمُسْلِمِ بِالْجَاهِ وَالْقَوْلِ, كَمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ" وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ ابْنِ آدَمَ صَدَقَةٌ" وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يعجز أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ أَبِي ضَمْضَمٍ؟ " قَالُوا: وَمَنْ أَبُو ضَمْضَمٍ؟ قَالَ "رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانَ إذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ قَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي قَدْ تَصَدَّقْت بِعِرْضِي عَلَى مَنْ شَتَمَهُ, فَجَعَلَ احْتِمَالَهُ أَذَى النَّاسِ صَدَقَةً بِعِرْضِهِ عَلَيْهِمْ".

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} هُوَ نَظِيرُ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [لحجرات: ٩] وَقَوْلِهِ: {فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [لحجرات: ٩] وَقَالَ: {فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: ١٢٨] وَقَالَ تَعَالَى: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: ٣٥] . حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو داود قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْعَلَاءِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ؟ " قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ "إصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ, وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ الْحَالِقَةُ" ١. وَإِنَّمَا قَيَّدَ الْكَلَامَ بِشَرْطِ فِعْلِهِ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ مَنْ فَعَلَهُ لِلتَّرَؤُّسِ عَلَى النَّاسِ وَالتَّأَمُّرِ عَلَيْهِمْ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْوَعْدِ.

قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} الآية. فإن مشاقة


١ قوله: "الحالقة" وهي الخصلة التي من شأنها أن تخلق وتستأصل الذين كما يستأصل الموسى الشعر, كذا في النهاية. "لمصححه".

<<  <  ج: ص:  >  >>