للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مَحِلِّ الْهَدْيِ

مَحِلُّ الْهَدْيِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} إلَى قَوْلِهِ: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُرَادَهُ تَعَالَى فِيمَا جُعِلَ هَدْيًا أَوْ بَدَنَةً أَوْ فِيمَا وَجَبَ أَنْ تُجْعَلَ هَدْيًا مِنْ وَاجِبٍ فِي ذِمَّتِهِ، فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ مَحِلَّ مَا كَانَ هَذَا وَصْفُهُ إلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ، وَالْمُرَادُ بِالْبَيْتِ هَهُنَا الْحَرَمُ كُلُّهُ; إذْ مَعْلُومٌ أَنَّهَا لَا تُذْبَحُ عِنْدَ الْبَيْتِ وَلَا فِي الْمَسْجِدِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ الْحَرَمُ كُلُّهُ، فَعَبَّرَ عَنْهُ بِذِكْرِ الْبَيْتِ; إذْ كَانَتْ حُرْمَةُ الْحَرَمِ كُلِّهِ مُتَعَلِّقَةً بِالْبَيْتِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ: {هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥] وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْمُرَادَ الْحَرَمُ كُلُّهُ. وَقَدْ رَوَى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ"، وَعُمُومُ الْآيَةِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّ سَائِرِ الْهَدَايَا الْحَرَمَ وَلَا يُجْزِئُ فِي غَيْرِهِ; إذْ لَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْهَا.

وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي هَدْيِ الْإِحْصَارِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: "مَحِلُّهُ ذَبْحُهُ فِي الْحَرَمِ" وَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>