للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الأعراف]

[مدخل]

...

[سورة الأعراف]

بسم الله الرحمن الرحيم

قَوْله تَعَالَى: {فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ} مَخْرَجُهُ مَخْرَجُ النَّهْيِ وَمَعْنَاهُ نَهْيُ الْمُخَاطَبِ عَنْ التَّعَرُّضِ لِلْحَرَجِ. وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ فِي الْحَرَجِ أَنَّهُ الضِّيقُ، وَذَلِكَ أَصْلُهُ، وَمَعْنَاهُ: فَلَا يَضِقْ صَدْرُك خَوْفًا أَنْ لَا تَقُومَ بِحَقِّهِ، فَإِنَّمَا عَلَيْك الْإِنْذَارُ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ: "الْحَرَجُ هُنَا الشَّكُّ، يَعْنِي لَا تَشُكَّ فِي لُزُومِ الْإِنْذَارِ بِهِ". وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا يَضِقْ صَدْرُك بِتَكْذِيبِهِمْ إيَّاكَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً} [الكهف:٦] .

قَوْله تَعَالَى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} هُوَ أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُهُ مَقْصُورًا عَلَى مُرَادِ أَمْرِهِ; وَهُوَ نَظِيرُ الِائْتِمَامِ، وَهُوَ أَنْ يَأْتَمَّ بِهِ فِي اتِّبَاعِ مُرَادِهِ وَفِي فِعْلِهِ غَيْرُ خَارِجٍ عَنْ تَدْبِيرِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: هَلْ يَكُونُ فَاعِلُ الْمُبَاحِ مُتَّبِعًا لِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قِيلَ لَهُ: قَدْ يَكُونُ مُتَّبِعًا إذَا قَصَدَ بِهِ اتِّبَاعَ أَمْرِهِ فِي اعْتِقَادِ إبَاحَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وُقُوعُ الْفِعْلِ مُرَادًا مِنْهُ، وَأَمَّا فَاعِلُ الْوَاجِبِ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ الِاتِّبَاعُ فِي وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: اعْتِقَادُ وُجُوبِهِ، وَالثَّانِي: إيقَاعُ فِعْلِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْمُورِ بِهِ، فَلَمَّا ضَارَعَ الْمُبَاحَ الْوَاجِبَ فِي الِاعْتِقَادِ; إذْ كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وُجُوبُ الِاعْتِقَادِ بِحُكْمِ الشَّيْءِ عَلَى تَرْتِيبِهِ وَنِظَامِهِ فِي إبَاحَةٍ أَوْ إيجَابٍ جَازَ أَنْ يَشْتَمِلَ قَوْلُهُ: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} على المباح والواجب

<<  <  ج: ص:  >  >>