[مطلب: في حكم الزوجين الحربيين إذا سبيا معا]
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الزَّوْجَيْنِ إذَا سُبِيَا مَعًا, فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر: "إذَا سُبِيَ الْحَرْبِيَّانِ مَعًا وَهُمَا زَوْجَانِ فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ, وَإِنْ سُبِيَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ وَأُخْرِجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَقَدْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ" وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: "إذَا سُبِيَا جَمِيعًا فَمَا كَانَا فِي الْمُقَاسِمِ فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ, فَإِذَا اشْتَرَاهُمَا رَجُلٌ فَإِنْ شَاءَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَاِتَّخَذَهَا لَنَفْسِهِ أَوْ زَوَّجَهَا غَيْرَهُ بَعْدَمَا يَسْتَبْرِئُهَا بِحَيْضَةٍ" وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ: "إذَا سُبِيَتْ ذَاتُ زَوْجٍ اُسْتُبْرِئَتْ بِحَيْضَتَيْنِ; لِأَنَّ زَوْجَهَا أَحَقُّ بِهَا إذَا جَاءَ فِي عِدَّتِهَا, وَغَيْرُ ذَاتِ الْأَزْوَاجِ بِحَيْضَةٍ". وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: "إذَا سُبِيَتْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا سَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ ثَبَتَ أَنَّ حُدُوثَ الْمِلْكِ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْفُرْقَةِ بِدَلَالَةِ الْأَمَةِ الْمَبِيعَةِ وَالْمَوْرُوثَةِ, فَوَجَبَ أَنْ لَا تَقَعَ الْفُرْقَةُ بِالسَّبْيِ نَفْسِهِ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ حُدُوثِ الْمِلْكِ. وَدَلِيلٌ آخَرُ, وَهُوَ أَنَّ حُدُوثَ الرِّقِّ عَلَيْهَا لَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْعَقْدِ, فَلَأَنْ لَا يَمْنَعَ بَقَاءَهُ أَوْلَى; لِأَنَّ الْبَقَاءَ هُوَ آكَدُ فِي ثُبُوتِ النِّكَاحِ مَعَهُ مِنْ الِابْتِدَاءِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ يَمْنَعُ الِابْتِدَاءَ مَا لَا يَمْنَعُ الْبَقَاءَ وَهُوَ حُدُوثُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا مِنْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْعَقْدِ وَلَا يَمْنَعُ بَقَاءَ العقد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute