للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الَّذِي يَأْتِي الْبَهِيمَةَ

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَزُفَرُ وَمُحَمَّدٌ وَمَالِكٌ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ: "لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَيُعَزَّرُ". وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: "عَلَيْهِ الْحَدُّ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ زِنًا بَعْدَ إحْصَانٍ وَكُفْرٌ بَعْدَ إيمَانٍ وَقَتْلُ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ" يَنْفِي قَتْلَ فَاعِلِ ذَلِكَ; إذْ لَيْسَ ذَلِكَ بِزِنًا فِي اللُّغَةِ، وَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُ الْحُدُودِ إلَّا مِنْ طَرِيقِ التَّوْقِيفِ أَوْ الِاتِّفَاقِ، وَذَلِكَ مَعْدُومٌ فِي مَسْأَلَتِنَا، وَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُهُ مِنْ طَرِيقِ الْمَقَايِيسِ. وَقَدْ رَوَى عمرو بن أبي عمرو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ وَجَدْتُمُوهُ عَلَى بَهِيمَةٍ فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوا الْبَهِيمَةَ"، وَعَمْرٌو هَذَا ضَعِيفٌ لَا تَثْبُتُ بِهِ حُجَّةٌ. وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ رَوَى شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَأَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي رَزِينٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَنْ أَتَى بَهِيمَةً: "أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ"، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إسْرَائِيلُ وَأَبُو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ وَأَبُو الْأَحْوَصِ وَشَرِيكٌ كُلُّهُمْ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي رَزِينٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُهُ، وَلَوْ كَانَ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو ثَابِتًا لَمَا خَالَفَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَهُوَ رَاوِيهِ إلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ صَحَّ الْخَبَرُ كَانَ مَحْمُولًا عَلَى مَنْ اسْتَحَلَّهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>