للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِيمَنْ دَخَلَ فِي صَوْمِ الْمُتْعَةِ ثُمَّ وَجَدَ الْهَدْيَ

قَالَ أَصْحَابُنَا: إذَا وَجَدَ الْهَدْيَ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي الصَّوْمِ أَوْ بَعْدَمَا صَامَ قَبْلَ أَنْ يُحِلَّ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ وَلَا يُجْزِيهِ غَيْرُهُ وَهُوَ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: إذَا دَخَلَ فِي الصَّوْمِ ثُمَّ وَجَدَ الْهَدْيَ أَجْزَأَهُ الصَّوْمُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ هَدْيٌ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ الْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ. وَقَالَ عَطَاءٌ: "إذَا صَامَ يَوْمًا ثُمَّ أَيْسَرَ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ، وَإِنْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ أَيْسَرَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ هَدْيٌ وَلْيَصُمْ السَّبْعَةَ".

وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} فَفَرْضُ الْهَدْيِ قَائِمٌ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُحِلَّ أَوْ يَمْضِي أَيَّامَ النَّحْرِ الَّتِي هِيَ مَسْنُونَةٌ لِلْحَلْقِ، فَمَتَى وَجَدَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُهْدِيَ وَبَطَلَ صَوْمُهُ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْهَدْيَ مَشْرُوطٌ لِلْإِحْلَالِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحِلَّ قَبْلَ ذَبْحِ الْهَدْيِ، لقوله تعالى: {وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} فَمَتَى لَمْ يُحِلَّ حَتَّى وَجَدَ الْهَدْيَ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُفَرِّقْ فِي إيجَابِهِ الْهَدْيَ بَيْنَ حَالِهِ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الصَّوْمِ وَبَعْدَهُ. وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْهَدْيَ مَشْرُوطٌ للإحلال قوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>