للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ سُورَةِ الْأَحْقَافِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} رُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ أَمَرَ بِرَجْمِ امْرَأَةٍ قَدْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: قَالَ الله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} وَقَالَ: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: ١٤] وَرُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ سَأَلَ النَّاسَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ مِثْلَ ذَلِكَ، وَأَنَّ عُثْمَانَ رَجَعَ إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ كُلَّ مَا زَادَ فِي الْحَمْلِ نَقَصَ مِنْ الرَّضَاعِ، فَإِذَا كَانَ الْحَمْلُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ فَالرَّضَاعُ وَاحِدٌ وَعِشْرُونَ شَهْرًا، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ جَمِيعُ ذَلِكَ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الرَّضَاعَ حَوْلَانِ فِي جَمِيعِ النَّاسِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَنْ زَادَ حَمْلُهُ أَوْ نَقَصَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ: {وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ} [الرعد: ٨] : مَا نَقَصَ عَنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ زَادَ عَلَيْهَا.

قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ} رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ: "أَشُدُّهُ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً" وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: "هُوَ بُلُوغُ الْحُلُمِ" وَقَالَ الْحَسَنُ: "أَشُدُّهُ قِيَامُ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ".

وقَوْله تَعَالَى: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ اُدْعُ اللَّهَ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى أُمَّتِك فَقَدْ وَسَّعَ عَلَى فَارِسَ وَالرُّومِ وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاسْتَوَى جَالِسًا وَقَالَ: "أَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا". وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الجرجاني قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ فِي قَوْلِهِ: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} . قَالَ: إنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: "لَوْ شِئْت أَنْ أُذْهِبَ طَيِّبَاتِي فِي حَيَاتِي لَأَمَرْت بِجَدْيٍ سَمِينٍ يُطْبَخُ بِاللَّبَنِ" وَقَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ قَتَادَةُ: قَالَ عُمَرُ: "لَوْ شِئْت أَنْ أَكُونَ أَطْيَبَكُمْ طَعَامًا وَأَلْيَنَكُمْ ثِيَابًا لَفَعَلْت، وَلَكِنِّي أَسْتَبْقِي طَيِّبَاتِي" وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ نَاسٌ من أهل العراق، فقرب إليهم طعامه،

<<  <  ج: ص:  >  >>