للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مطلب: فيما ذكره الخليل بن أحمد من تردد الشفق الأبيض في الآفاق وعدم مغيبه]

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَحَكَى١ ابْنُ قُتَيْبَةَ عَنْ الْخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ: رَاعَيْت الْبَيَاضَ فَرَأَيْته لَا يَغِيبُ أَلْبَتَّةَ وَإِنَّمَا يَسْتَدِيرُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى مَطْلَعِ الْفَجْرِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا غَلَطٌ; وَالْمِحْنَةُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ; وَقَدْ رَاعَيْتُهُ فِي الْبَوَادِي فِي لَيَالِيِ الصَّيْفِ وَالْجَوُّ نَقِيٌّ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ فَإِذَا هُوَ يَغِيبُ قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ مِنْ اللَّيْلِ رُبُعُهُ بِالتَّقْرِيبِ, وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْرِفَ ذَلِكَ فَلْيُجَرِّبْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ غَلَطُ هَذَا الْقَوْلِ.

وَمِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّفَقِ الْبَيَاضُ, أَنَّا وَجَدْنَا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ حُمْرَةً وَبَيَاضًا قَبْلَهَا وَكَانَا جَمِيعًا مِنْ وَقْتِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ; إذْ كَانَا جَمِيعًا مِنْ ضِيَاءِ الشَّمْسِ دُونَ ظُهُورِ جُرْمِهَا; كَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْحُمْرَةُ وَالْبَيَاضُ جَمِيعًا بَعْدَ غُرُوبِهَا مِنْ وَقْتِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ, لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا.


١ قوله: "قال أبو بكر وحكى إلى آخره" ذكره القرطبي في تفسير سورة الانشقاق عن الخليل بن أحمد ان قال: صعدت منارة الاسكندرية فرمقت البياض فرأيته يتردد من أفق ولم أره يغيب. وقال ابن أبي اويس: رأيته يتمادى إلى طلوع الفجر انتهى, وبهذا تعلم أن ما ذكره المصنف رآه في أرض البوادي ولا يلزم من مغيب عن نظر الرامق له من ارض البادية مغيبه عن نظر الرامق من تلك المنارة العالية لما بين المكانين من التباين الكلي في الارتفاع والانحطاط. وقد نقل الزيلعي في كتاب تبين الخقائق أن الشمس لا تغيب عن نظر الرامق لها من منارة الاسكندرية إلا بعد غيابها بزمن طويل عن البلد. "لمصححه".

<<  <  ج: ص:  >  >>