للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الْقَوْل فِي أَنَّهَا مِنْ الْقُرْآنِ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} مِنْ الْقُرْآنِ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [النمل: ٣٠] . وَرُوِيَ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوَّلَ مَا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقُرْآنِ قَالَ لَهُ: اقْرَأْ قَالَ: "مَا أَنَا بِقَارِئٍ" قَالَ لَهُ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} . وَرَوَى أَبُو قَطَنَ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ الْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَتَبَ فِي أَوَائِلِ الْكُتُبِ: بِاسْمِك اللَّهُمَّ، حَتَّى نَزَلَ {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} [هود: ٤١] فَكَتَبَ: بِسْمِ اللَّهِ، ثُمَّ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} [الإسراء: ١١٠] فَكَتَبَ فَوْقَهُ: الرَّحْمَنَ، فَنَزَلَتْ قِصَّةُ سُلَيْمَانَ فَكَتَبَهَا حِينَئِذٍ. وَمِمَّا سَمِعْنَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد، قَالَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ وَمَالِكٌ وَقَتَادَةُ وَثَابِتٌ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرحيم حَتَّى نَزَلَتْ سُورَةُ النَّمْلِ. وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو كِتَابَ الْهُدْنَةِ بِالْحُدَيْبِيَةِ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "اُكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرحيم" فَقَالَ لَهُ سُهَيْلٌ: بِاسْمِك اللَّهُمَّ، فَإِنَّا لَا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ إلَى أَنْ سُمِحَ بِهَا بَعْدُ. فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرحيم لَمْ يَكُنْ مِنْ الْقُرْآنِ، ثُمَّ أَنْزَلَهَا اللَّهُ تعالى في سورة النمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>