مطلب: في زَكَاةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ
قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الْآيَةَ; يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ إيجَابُ إنْفَاقِ جَمِيعِ الْمَالِ; لِأَنَّ الْوَعِيدَ لَاحِقٌ بِتَرْكِ إنْفَاقِ الْجَمِيعِ لِقَوْلِهِ: {وَلا يُنْفِقُونَهَا} وَلَمْ يَقُلْ وَلَا يُنْفِقُونَ مِنْهَا. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ الْمُرَادُ الْجَمِيعَ لَقَالَ: وَلَا يُنْفِقُونَهُمَا قِيلَ لَهُ: لِأَنَّ الْكَلَامَ رَجَعَ إلَى مَدْلُولٍ عَلَيْهِ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَلَا يُنْفِقُونَ الْكُنُوزَ، وَالْآخَرَانِ يُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ لِلْإِيجَازِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة:١١] قَالَ الشَّاعِرُ:
نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا وَأَنْتَ بِمَا ... عِنْدَك رَاضٍ وَالرَّأْيُ مُخْتَلِفُ
وَالْمَعْنَى: رَاضُونَ. وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَيْهِمَا جَمِيعًا أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ إلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ لَبَقِيَ أَحَدُهُمَا عَارِيًّا مِنْ خَبَرِهِ فَيَكُونُ كَلَامَا مُنْقَطِعًا لا معنى له; إذ كان قوله:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute