للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْعَهْدُ يَنْصَرِفُ عَلَى وُجُوهٍ: فَمِنْهَا الْأَمْرُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ} [طه:١١٥] وَقَالَ: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ} [يس:٦٠] وَالْمُرَادُ الْأَمْرُ. وَقَدْ يَكُونُ الْعَهْدُ يَمِينًا، وَدَلَالَةُ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْيَمِينُ ظَاهِرَةٌ. لِأَنَّهُ قَالَ: {وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} وَلِذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا: إنَّ مَنْ قَالَ: "عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ إنْ فَعَلْت كَذَا" أَنَّهُ حَالِفٌ. وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ حِينَ أَخَذَهُ الْمُشْرِكُونَ وَأَبَاهُ فَأَخَذُوا مِنْهُ عَهْدَ اللَّهِ أَنْ لَا يُقَاتِلُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَدِمَا الْمَدِينَةَ ذَكَرَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "تَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ وَتَسْتَعِينُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ". وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَعَامِرٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَمُجَاهِدٍ: "إذَا قَالَ: عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَهُوَ يَمِينٌ".

قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً} شَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ عَقَدَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا لِلَّهِ تَعَالَى فِيهِ قُرْبَةٌ ثُمَّ فَسَخَهُ وَلَمْ يُتِمَّهُ بِالْمَرْأَةِ الَّتِي تَغْزِلُ شَعْرًا أَوْ ما

<<  <  ج: ص:  >  >>