للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطلب: في معنى المراد من قول ابن مَسْعُودٍ: "إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حرم عليكم"

وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: "إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ" يَعْنِي أَنَّهُ لَمْ يَقْتَصِرْ بِالشِّفَاءِ عَلَى الْمُحَرَّمَاتِ بَلْ جَعَلَ لَنَا مَنْدُوحَةً وَغِنًى عَنْ الْمُحَرَّمَاتِ بِمَا أَبَاحَهُ لَنَا مِنْ الْأَغْذِيَةِ وَالْأَدْوِيَةِ حَتَّى لَا يَضُرَّنَا فَقْدُ مَا حُرِّمَ فِي أُمُورِ دُنْيَانَا. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم "أنه مَا خُيِّرَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا".

وَهَذِهِ الْآيَاتُ يُحْتَجُّ بِهَا فِي الْمَصِيرِ إلَى التَّخْفِيفِ فِيمَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ وَسَوَّغُوا فِيهِ الِاجْتِهَادَ, وَفِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى بُطْلَانِ مَذْهَبِ الْمُجْبِرَةِ فِي قَوْلِهِمْ إنَّ اللَّهَ يُكَلِّفُ الْعِبَادَ مَا لَا يُطِيقُونَ; لِإِخْبَارِهِ بِأَنَّهُ يُرِيدُ التَّخْفِيفَ عَنَّا, وَتَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ غَايَةُ التَّثْقِيلِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَعَانِي كِتَابِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>