للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطلب: قوله تعالى: {لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً} وأن المخصوص بالذكر لا يدل على نفي ما عداه

وقَوْله تَعَالَى: {لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً} قيل في معنى {أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً} وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: الْمُضَاعَفَةُ بِالتَّأْجِيلِ أَجَلًا بَعْدَ أَجَلٍ وَلِكُلِّ أَجَلٍ قِسْطٌ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَى الْمَالِ. وَالثَّانِي: مَا يُضَاعِفُونَ بِهِ أَمْوَالَهُمْ. وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَخْصُوصَ بِالذِّكْرِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا عَدَاهُ بِخِلَافِهِ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ تَحْرِيمِ الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً دَلَالَةٌ عَلَى إبَاحَتِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً, فَلَمَّا كَانَ الرِّبَا مَحْظُورًا بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَبِعَدَمِهَا دَلَّ ذَلِكَ عَلَى فَسَادِ قَوْلِهِمْ فِي ذَلِكَ, وَيَلْزَمُهُمْ فِي ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الدَّلَالَةُ مَنْسُوخَةً بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَحَرَّمَ الرِّبا} [البقرة: ٢٧٥] إذْ لَمْ يَبْقَ لَهَا حُكْمٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ.

وقَوْله تَعَالَى: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} , قِيلَ: كَعَرْضِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ; وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الحديد: ٢١] وَكَمَا قَالَ: {مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [لقمان: ٢٨] أَيْ إلَّا كَبَعْثِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ. وَيُقَالُ: إنَّمَا خَصَّ الْعَرْضَ بِالذِّكْرِ دُونَ الطُّولِ; لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطُّولَ أَعْظَمُ, وَلَوْ ذَكَرَ الطُّولَ لَمْ يَقُمْ مَقَامَهُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْعِظَمِ; وَهَذَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "ذَكَاةُ الجنين ذكاة أمه" معناه: كذكاة أمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>