مطلب: خبر الحظر أولى من خبر الإباحة
ثُمَّ لَوْ ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيثُ لَعَارَضَهُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الرِّوَايَةِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي نَفْيِ الْقَطْعِ عَنْ سَارِقِ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ, وَكَانَ يَكُونُ حِينَئِذٍ خَبَرُنَا أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنْ حَظْرِ الْقَطْعِ عَمَّا دُونَهَا وَخَبَرُهُمْ مُبِيحٌ لَهُ, وَخَبَرُ الْحَظْرِ أَوْلَى مِنْ خَبَرِ الْإِبَاحَةِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَنَّهُ قَالَ: "لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْحَبْلَ فَيُقْطَعُ فِيهِ, وَيَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَيُقْطَعُ فِيهَا" فَرُبَّمَا ظَنَّ بَعْضُ مَنْ لَا رَوِيَّةَ لَهُ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ يُقْطَعُ فِيهِ لِذِكْرِ الْبَيْضَةِ وَالْحَبْلِ وَهُمَا فِي الْعَادَةِ أَقَلُّ قِيمَةً مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ, وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى مَا يَظُنُّهُ; لِأَنَّ الْمُرَادَ بَيْضَةُ الْحَدِيدِ, وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ فِي بَيْضَةٍ مِنْ حَدِيدٍ قِيمَتُهَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا; وَلِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ سَارِقَ بَيْضَةِ الدَّجَاجِ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ, وَأَمَّا الْحَبْلُ فَقَدْ يَكُونُ مِمَّا يُسَاوِي الْعَشَرَةَ وَالْعِشْرِينَ وأكثر من ذلك.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute