للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَقَرَّ بِالزِّنَا مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ مَاتَ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالزِّنَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُحَدَّ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْمَهْرُ فِي مَالِهِ وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِالسَّرِقَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً لَكَانَتْ السَّرِقَةُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ بِاتِّفَاقٍ مِنْهُمْ جَمِيعًا فَقَدْ حَصَلَ مِنْ قَوْلِهِمْ جَمِيعًا إيجَابُ الضَّمَانِ بِالْإِقْرَارِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَسُقُوطُ الْمَهْرِ مَعَ الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا مِنْ غَيْرِ حَدٍّ.

وَاحْتَجَّ الْآخَرُونَ بِمَا رَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ رَجُلًا أَقَرَّ عِنْدَهُ بِسَرِقَةٍ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ قَدْ شَهِدْت عَلَى نَفْسِك بِشَهَادَتَيْنِ فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَ وَعَلَّقَهَا فِي عُنُقِهِ وَلَا دَلَالَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ إلَّا بِالْإِقْرَارِ مَرَّتَيْنِ إنَّمَا قَالَ شَهِدْت عَلَى نَفْسِك بِشَهَادَتَيْنِ وَلَمْ يَقُلْ لَوْ شَهِدْت بِشَهَادَةٍ وَاحِدَةٍ لَمَا قُطِعْت وَلَيْسَ فِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْهُ حَتَّى أَقَرَّ مَرَّتَيْنِ.

وَمِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ لِأَبِي يُوسُفَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ أَنَّ هَذَا لَمَّا كَانَ حَدًّا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ وَجَبَ أَنْ يُعْتَبَرَ عَدَدُ الْإِقْرَارِ فِيهِ بِالشَّهَادَةِ فَلَمَّا كَانَ أَقَلُّ مَنْ يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةَ شَاهِدَيْنِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ أَقَلُّ مَا يَصِحُّ بِهِ إقْرَارُهُ مَرَّتَيْنِ كَالزِّنَا اُعْتُبِرَ عَدَدُ الْإِقْرَارِ فِيهِ بِعَدَدِ الشُّهُودِ وَهَذَا يَلْزَمُ أَبَا يُوسُف أَنْ يَعْتَبِرَ عَدَدَ الْإِقْرَارِ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ بِعَدَدِ الشُّهُودِ وَقَدْ سَمِعْت أَبَا الْحَسَنِ الْكَرْخِيَّ يَقُولُ إنَّهُ وَجَدَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ حَتَّى يُقِرَّ مَرَّتَيْنِ كَعَدَدِ الشُّهُودِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِهِ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ سَائِرُ الْحُدُودِ وَهَذَا الضَّرْبُ مِنْ الْقِيَاسِ مَدْفُوعٌ عِنْدَنَا فَإِنَّ الْمَقَادِيرَ لَا تُؤْخَذُ مِنْ طَرِيقِ الْمَقَايِيسِ فِيمَا كَانَ هَذَا صِفَتَهُ وَإِنَّمَا طَرِيقُهَا التَّوْقِيفُ وَالِاتِّفَاقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>