للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَرْكَبُوا، لَيْسَ مِنْ اللَّهْوِ ثَلَاثَةٌ: تَأْدِيبُ الرَّجُلِ فَرَسَهُ وَمُلَاعَبَتُهُ أَهْلَهُ وَرَمْيُهُ بِقَوْسِهِ وَنَبْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ الرَّمْيَ بَعْدَمَا عَلِمَهُ رَغْبَةً عَنْهُ فَإِنَّهَا نِعْمَةٌ تَرَكَهَا" أَوْ قَالَ: "كَفَرَهَا" وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْجَرَّاحُ بْنُ مِنْهَالٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ مَوْلَى أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مِنْ حَقِّ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ أَنْ يُعَلِّمَهُ كِتَابَ اللَّهِ وَالسِّبَاحَةَ وَالرَّمْيَ". وَمَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا إنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ" أَنَّهُ مِنْ مُعْظَمِ مَا يَجِبُ إعْدَادُهُ مِنْ الْقُوَّةِ عَلَى قِتَالِ الْعَدُوِّ، وَلَمْ يَنْفِ بِهِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَهُ مِنْ الْقُوَّةِ، بَلْ عُمُومُ اللَّفْظِ شَامِلٌ لِجَمِيعِ مَا يُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى الْعَدُوِّ مِنْ سَائِرِ أَنْوَاعِ السِّلَاحِ وَآلَاتِ الْحَرْبِ. وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي الْقَتِيلِ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إبْرَاهِيمَ الثُّمَالِيُّ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا نُحْفِيَ الْأَظْفَارَ فِي الْجِهَادِ وَقَالَ: "إنَّ الْقُوَّةَ فِي الْأَظْفَارِ" وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ مَا يُقَوِّي عَلَى الْعَدُوِّ فَهُوَ مَأْمُورٌ بِاسْتِعْدَادِهِ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً} [التوبة:٤٦] فَذَمَّهُمْ عَلَى تَرْكِ الِاسْتِعْدَادِ وَالتَّقَدُّمِ قَبْلَ لِقَاءِ الْعَدُوِّ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ارْتِبَاطِ الْخَيْلِ مَا يُوَاطِئُ مَعْنَى الْآيَةِ، وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ الْأَزْدِيِّ عَنْ الْحُصَيْنِ بْنِ حَرْمَلَةَ الْمَهْرِيِّ عَنْ أَبِي الْمُصَبِّحِ قَالَ: سَمِعْت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ وَالنَّيْلُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَصْحَابُهَا مُعَانُونَ، قَلِّدُوهَا وَلَا تُقَلِّدُوهَا الْأَوْتَارَ" قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَيَّنَ فِي الْخَبَرِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْخَيْرَ هُوَ الْأَجْرُ وَالْغَنِيمَةُ، وَفِي ذَلِكَ مَا يُوجِبُ أَنَّ ارْتِبَاطَهَا قُرْبَةٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَإِذَا أُرِيدَ بِهِ الْجِهَادُ; وَهُوَ يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى بَقَاءِ الْجِهَادِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ; إذْ كَانَ الْأَجْرُ مُسْتَحِقًّا بِارْتِبَاطِهَا لِلْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَلَا تُقَلِّدُوهَا الْأَوْتَارَ" قِيلَ فِيهِ مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا: خَشْيَةُ اخْتِنَاقِهَا بِالْوَتَرِ، وَالثَّانِي: أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا إذَا طَلَبُوا بِالْأَوْتَارِ الدُّخُولَ قَلَّدُوا خَيْلَهُمْ الْأَوْتَارَ يَدُلُّونَ بِهَا عَلَى أَنَّهُمْ طَالِبُونَ بِالْأَوْتَارِ مُجْتَهِدُونَ فِي قَتْلِ مَنْ يَطْلُبُونَهُمْ بِهَا، فَأَبْطَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّلَبَ بِذُحُولِ الْجَاهِلِيَّةِ; وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: "أَلَا إنَّ كُلَّ دَمٍ وَمَأْثَرَةٍ فَهُوَ مَوْضُوعٌ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ وَأَوَّلُ دَمٍ أَضَعُهُ دَمُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ".

<<  <  ج: ص:  >  >>