للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهْلَ كِتَابٍ مِنْ جِهَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ، فَإِنَّهُ إنْ صَحَّتْ الرِّوَايَةُ فَإِنَّ الْمُرَادَ أَنَّ أَسْلَافَهُمْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ لِإِخْبَارِهِ بِأَنَّ ذَلِكَ نُزِعَ مِنْ صُدُورِهِمْ، فَإِذًا لَيْسُوا أَهْلَ كِتَابٍ فِي هَذَا الْكِتَابِ. وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلَ كِتَابٍ مَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ الْحَسَنِ بْن مُحَمَّدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي مَجُوسِ الْبَحْرَيْنِ: "إنَّ مَنْ أَبَى مِنْهُمْ الْإِسْلَامَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ، وَلَا تُؤْكَلُ لَهُمْ ذَبِيحَةٌ، وَلَا تُنْكَحُ لَهُمْ امْرَأَةٌ"، وَلَوْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ لَجَازَ أَكْلُ ذَبَائِحِهِمْ، وَمُنَاكَحَةُ نِسَائِهِمْ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَبَاحَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَلَمَّا ثَبَتَ أَخْذُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجِزْيَةَ مِنْ الْمَجُوسِ، وَلَيْسُوا أَهْلَ كِتَابٍ ثَبَتَ جَوَازُ أَخْذِهَا مِنْ سَائِرِ الْكُفَّارِ أَهْلَ كِتَابٍ كَانُوا أَوْ غَيْرَ أَهْلِ كِتَابٍ إلَّا عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ مِنْ الْعَرَبِ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ إلَّا الْإِسْلَامَ أَوْ السَّيْفَ، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} وَهَذَا فِي عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ الْعَرَبِ، وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ سَائِرِ الْمُشْرِكِينَ سِوَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ حَدِيثُ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا بَعَثَ سَرِيَّةً قَالَ: "إذَا لَقِيتُمْ عَدُوَّكُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُوهُمْ إلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ أَبَوْا فَادْعُوهُمْ إلَى إعْطَاءِ الْجِزْيَةِ". وَذَلِكَ عَامٌّ فِي سَائِرِ الْمُشْرِكِينَ، وَخَصَّصْنَا مِنْهُمْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ بِالْآيَةِ وَسِيرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>