لَهُمْ ذِمَّةٌ إذَا تَسَلَّطُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالْوِلَايَاتِ وَنَفَاذِ الْأَمْرِ وَالنَّهْي، إذْ كَانَ اللَّهُ إنَّمَا جَعَلَ لَهُمْ الذِّمَّةَ وَحَقَنَ دِمَاءَهُمْ بِإِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ وَكَوْنِهِمْ صَاغِرِينَ. فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا قَتْلُ مَنْ تَسَلَّطَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالْغُصُوبِ، وَأَخْذِ الضَّرَائِبِ، وَالظُّلْمِ سَوَاءٌ كَانَ السُّلْطَانُ وَلَّاهُ ذَلِكَ أَوْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ السُّلْطَانِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ النَّصَارَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ أَعْمَالَ السُّلْطَانِ وَظَهَرَ مِنْهُمْ ظُلْمٌ وَاسْتِعْلَاءٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَخْذُ الضَّرَائِبِ لَا ذِمَّةَ لَهُمْ وَأَنَّ دِمَاءَهُمْ مُبَاحَةٌ، وَإِنْ كَانَ آخِذُو الضَّرَائِبِ مِمَّنْ يَنْتَحِلُ الْإِسْلَامَ وَالْقُعُودَ عَلَى الْمَرَاصِدِ لِأَخْذِ أَمْوَالِ النَّاسِ يُوجِبُ إبَاحَةَ دِمَائِهِمْ إذْ كَانُوا بِمَنْزِلَةِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ، وَمَنْ قَصَدَ إنْسَانًا لِأَخْذِ مَالِهِ، فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ لَهُ قَتْلَهُ. وَكَذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ طَلَبَ مَالَهُ فَقَاتَلَ فَقُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ" وَفِي خَبَرٍ آخَرَ: "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ" فَإِذَا كَانَ هَذَا حُكْمُ مَنْ طَلَبَ أَخْذَ مَالِ غَيْرِهِ غَصْبًا وَهُوَ مِمَّنْ يَنْتَحِلُ الْإِسْلَامَ فَالذِّمِّيُّ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: مَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ الْآيَةِ مِنْ وُجُوبِ قَتْلِهِ، وَالْآخَرُ: قَصْدُهُ الْمُسْلِمَ بِأَخْذِ مَالِهِ ظُلْمًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute