للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَنَقْضُ الْإِسْلَامِ عُرْوَةً عُرْوَةً إلَى أَنْ وَلِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَكَتَبَ إلَى عَامِلِهِ بِالْعِرَاقِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَاعِيًا، وَلَمْ يَبْعَثْهُ جَابِيًا، فَإِذَا أَتَاك كِتَابِي هَذَا فَارْفَعْ الْجِزْيَةَ عَمَّنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَلَمَّا وَلِيَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَعَادَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ أَحَدَ الْأَسْبَابِ الَّتِي لَهَا اسْتَجَازَ الْقُرَّاءُ وَالْفُقَهَاءُ قِتَالَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَالْحَجَّاجِ لَعَنَهُمَا اللَّهُ أَخْذُهُمْ الْجِزْيَةَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ صَارَ ذَلِكَ أَيْضًا أَحَدَ أَسْبَابِ زَوَالِ دَوْلَتِهِمْ، وَسَلْبِ نِعْمَتِهِمْ. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ:"أَعْظَمُ مَا أَتَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ بَعْدَ نَبِيِّهَا ثَلَاثُ خِصَالٍ: قَتْلُهُمْ عُثْمَانَ، وَإِحْرَاقُهُمْ الْكَعْبَةَ، وَأَخْذُهُمْ الْجِزْيَةَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ". وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: "إنَّ الْجِزْيَةَ بِمَنْزِلَةِ ضَرِيبَةِ الْعَبْدِ" فَلَيْسَ بِبِدْعٍ، هَذَا مِنْ جَهْلِهِمْ، إذْ قَدْ جَهِلُوا مِنْ أُمُورِ الْإِسْلَامِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ لَيْسُوا عَبِيدًا، وَلَوْ كَانُوا عَبِيدًا لَمَا زَالَ عَنْهُمْ الرِّقُّ بِإِسْلَامِهِمْ لِأَنَّ إسْلَامَ الْعَبْدِ لَا يُزِيلُ رِقَّهُ، وَإِنَّمَا الْجِزْيَةُ عُقُوبَةٌ عُوقِبُوا بِهَا لِإِقَامَتِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ، فَمَتَى أَسْلَمُوا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعَاقَبُوا بِأَخْذِهَا مِنْهُمْ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ النَّصْرَانِيَّ لَا تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ؟ فَلَوْ كَانَ أَهْلُ الذمة عبيدا لما أخذ منهم الجزية

<<  <  ج: ص:  >  >>