للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"عُدِلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ بِالْإِشْرَاكِ بِاَللَّهِ" ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} " وَرَوَى وَائِلُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: "عُدِلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ بِالشِّرْكِ بِاَللَّهِ ثُمَّ قَرَأَ: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} ". وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْمُؤَدِّبُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُرَاتِ التَّمِيمِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَارِبَ بْنَ دِثَارٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "شَاهِدُ الزُّورِ لَا تَزُولُ قَدَمَاهُ حَتَّى تُوجِبَ لَهُ النَّارَ".

وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي حُكْمِ شَاهِدِ الزُّورِ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: "لَا يُعَزَّرُ" وَهَذَا عِنْدَنَا عَلَى أَنَّهُ إنْ جَاءَ تَائِبًا، فَأَمَّا إنْ كَانَ مُصِرًّا فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ عِنْدِي بَيْنَهُمْ فِي أَنَّهُ يُعَزَّرُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: "يُضْرَبُ وَيُسَخَّمُ وَجْهُهُ وَيُشَهَّرُ وَيُحْبَسُ". وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "أُتِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِشَاهِدِ زُورٍ، فَجَرَّدَهُ وَأَوْقَفَهُ لِلنَّاسِ يَوْمًا وَقَالَ: هَذَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فَاعْرِفُوهُ ثُمَّ حَبَسَهُ". وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْبَزَّازُ قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ الْحَجَّاجِ عَنْ مَكْحُولٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ فِي الشَّاهِدِ الزُّورِ: "يُضْرَبُ ظَهْرُهُ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُسَخَّمُ وَجْهُهُ وَيُطَالُ حَبْسُهُ".

قَوْله تَعَالَى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: الشَّعَائِرُ جَمْعُ شَعِيرَةٍ، وَهِيَ الْعَلَامَةُ الَّتِي تُشْعِرُ بِمَا جُعِلَتْ لَهُ، وَإِشْعَارُ الْبُدْنِ هُوَ أَنْ نُعَلِّمَهَا بِمَا يُشْعِرُ أَنَّهَا هَدْيٌ، فَقِيلَ عَلَى هَذَا: إنَّ الشَّعَائِرَ عَلَامَاتُ مَنَاسِكِ الْحَجِّ كُلِّهَا، مِنْهَا رَمْيُ الْجِمَارِ وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَّا وَالْمَرْوَةِ وَرَوَى حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَقَالَ: "حُرُمَاتُ اللَّهِ اتِّبَاعُ طَاعَتِهِ وَاجْتِنَابُ مَعْصِيَتِهِ فَذَلِكَ شَعَائِرُ اللَّهِ". وَرَوَى شَرِيكٌ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عطاء: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ} قَالَ: "اسْتِسْمَانُهَا وَاسْتِعْظَامُهَا". وَرَوَى ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ} قَالَ: "فِي الِاسْتِحْسَانِ وَالِاسْتِسْمَانِ وَالِاسْتِعْظَامِ" وَعَنْ عِكْرِمَةَ مِثْلُهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ "شَعَائِرُ اللَّهِ دِينُ اللَّهِ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْوُجُوهُ كُلُّهَا مُرَادَةً بِالْآيَةِ لاحتمالها لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>