للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولُ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي رَأَيْتُهَا تَزْنِي، وَالْخَامِسَةُ: لعنة الله علي إن كنت من الكاذبين; وَتَقُولُ هِيَ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ مَا رَآنِي أَزْنِي، فَتَقُولُ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ". وَقَالَ اللَّيْثُ: "يَشْهَدُ الرَّجُلُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ، وَتَشْهَدُ الْمَرْأَةُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: "يَقُولُ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْت بِهِ زَوْجَتِي فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ، وَيُشِيرُ إلَيْهَا إنْ كَانَتْ حَاضِرَةً، يَقُولُ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يُقْعِدُهُ الْإِمَامُ يُذَكِّرُهُ اللَّهَ وَيَقُولُ إنِّي أَخَافُ إنْ لَمْ تَكُنْ صَدَقْت أَنْ تَبُوءَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ، فَإِنْ رَآهُ يُرِيدُ أَنْ يُمْضِيَ أَمْرَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى فِيهِ وَيَقُولُ: إنَّ قَوْلَك عَلَيَّ لَعْنَةُ اللَّهِ إنْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ مُوجِبَةٌ إنْ كُنْت كَاذِبًا، فَإِنْ أَبَى تَرَكَهُ فَيَقُولُ: لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيَّ إنْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَيْت بِهِ زَوْجَتِي فُلَانَةَ مِنْ الزِّنَا، فَإِنْ قَذَفَهَا بِأَحَدٍ يُسَمِّيهِ بِعَيْنِهِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ اثْنَيْنِ، وَقَالَ مَعَ كُلِّ شَهَادَةٍ: إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ; وَإِنْ نَفَى وَلَدَهَا قَالَ مَعَ كُلِّ شَهَادَةٍ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا وَإِنَّ هَذَا الْوَلَدَ وَلَدُ زِنًا مَا هُوَ مِنِّي، فَإِذَا قَالَ هَذَا فَقَدْ فَرَغَ مِنْ الِالْتِعَانِ".

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْله تَعَالَى: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ جَوَازَ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ مِنْ شَهَادَاتِ اللِّعَانِ; إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَعْلُومًا مِنْ دَلَالَةِ الْحَالِ أَنَّ التَّلَاعُنَ وَاقِعٌ عَلَى قَذْفِهِ إيَّاهَا بِالزِّنَا عَلِمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ: فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمَا بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا، وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ وَاقِعَةٌ فِي نَفْيِ مَا رَمَاهَا بِهِ، وَكَذَلِكَ اللَّعْنُ وَالْغَضَبُ وَالصِّدْقُ وَالْكَذِبُ رَاجِعٌ إلَى إخْبَارِ الزَّوْجِ عَنْهَا بِالزِّنَا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ وُقُوعُ الِالْتِعَانِ وَالشَّهَادَاتِ عَلَى مَا وَقَعَ بِهِ رَمْيُ الزَّوْجِ، فَاكْتَفَى بِدَلَالَةِ الْحَالِ عَلَى الْمُرَادِ عَنْ قَوْلِهِ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: "إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ" وَهَذَا نَحْوُ قوله تعالى: {وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ} [الأحزاب: ٣٥] وَالْمُرَادُ: وَالْحَافِظَاتِ فُرُوجَهُنَّ وَالذَّاكِرَاتِ اللَّهَ; وَلَكِنَّهُ حُذِفَ لِدَلَالَةِ الْحَالِ عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَشَهِدَ الرَّجُلُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ، وَلَمْ يَذْكُرَا فِيمَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا. وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ: "إنَّهُ يَشْهَدُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ أَنَّهُ رَآهَا تَزْنِي" فَمُخَالِفٌ لِظَاهِرِ لَفْظِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ; لِأَنَّ فِي الْكِتَابِ: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} وَكَذَلِكَ لَاعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ. وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: "إنَّهُ يَذْكُرُهَا بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا وَيُشِيرُ إلَيْهَا بِعَيْنِهَا" فَلَا مَعْنَى لَهُ; لِأَنَّ الْإِشَارَةَ تُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الِاسْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>