للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْمَعْنَى قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: أَفْطَرْنَا يَوْمًا فِي رَمَضَانَ فِي غَيْمٍ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ طَلَعَتْ الشَّمْسُ قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: قُلْتُ لِهِشَامٍ: أُمِرُوا بِالْقَضَاءِ؟ قَالَ: وَبُدٌّ مِنْ ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} يُوجِبُ أَيْضًا إبْطَالَ صَوْمِ الْمُكْرَهِ عَلَى الْأَكْلِ; لِأَنَّهُ لَمْ يُتِمَّهُ عَلَى مَا قَدَّمْنَا، وَكَذَلِكَ إبْطَالُ صَوْمِ مَنْ جُنَّ فَأَكَلَ فِي حَالِ جُنُونِهِ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَكَمَ بِصِحَّةِ الصَّوْمِ لِمَنْ أَتَمَّهُ إلَى اللَّيْلِ، فَمَنْ وُجِدَ مِنْهُ فِعْلٌ يَحْظُرُهُ الصَّوْمُ فَهُوَ غَيْرُ مُتِمٍّ لِصَوْمِهِ إلَى اللَّيْلِ فَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ.

وَأَمَّا الْوَقْتُ الَّذِي هُوَ نِهَايَةُ الصَّوْمِ وَيَجِبُ بِهِ الْإِفْطَارُ، هُوَ مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُد عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذَا جَاءَ اللَّيْلُ مِنْ هَهُنَا وَذَهَبَ النَّهَارُ مِنْ هَهُنَا وَغَابَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ". وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذَا رَأَيْتُمْ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَهُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ". وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ قِبَلَ الْمَشْرِقِ. وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إذَا سقط القرص أفطر ولا خلاف في أنه إذا غابت الشمس فقد انقضى وقت الصوم وجاز للصائم الأكل والشرب والجماع وسائر ما حظره عليه الصوم.

وقوله عليه السلام: "إذا غابت الشمس فقد أفطر الصائم", يوجب أن يكون مفطرا بغروب الشمس أكل أو لم يأكل لأن الصوم لا يكون بالليل ولذلك نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الوصال لأنه يترك الطعام والشراب وهو مفطر والوصال أن يمكث يومين أو ثلاثة لا يأكل شيئا ولا يشرب فإنه أكل أو شرب في أي وقت كان شيئا قليلا فقد خرج من الوصال وقد روى ابن الهاد عن عبد الله بن خباب عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْوِصَالِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّكَ تُوَاصِلُ فَقَالَ: "إنَّكُمْ لَسْتُمْ كَهَيْئَتِي، إنِّي أَبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي وَسَاقٍ يَسْقِينِي; فَأَيُّكُمْ وَاصَلَ فَمِنْ السَّحَرِ إلَى السَّحَرِ". فَأَخْبَرَ أَنَّهُ إذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ سَحَرًا فَهُوَ غَيْرُ مُوَاصِلٍ، وَأَخْبَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ لَا يُوَاصِلُ; لِأَنَّ اللَّهَ يُطْعِمُهُ وَيَسْقِيه، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قِيلَ لَهُ: إنَّك تُوَاصِلَ فَقَالَ: "إنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي" ومن الناس مَنْ يَقُولَ: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَخْصُوصًا بِإِبَاحَةِ الْوِصَالِ دُونَ أُمَّتِهِ، وَقَدْ أَخْبَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ اللَّهُ يُطْعِمُهُ وَيَسْقِيهِ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَمْ يُوَاصِلْ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بالصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>