للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: مِنْ أَمْرِ رَسُولٍ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، أَمَرَهُمْ أَنْ يَحُلُّوا، وَمِنْ قَوْلِ اللَّهِ: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٣٣] . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَحَدَّثَنَا حجاج عن شعبة عن قتادة قال: سمعت أَبَا حَسَّانَ الْأَعْرَجَ يَقُولُ: قَالَ رَجْلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا هَذِهِ الْفُتْيَا الَّتِي قَدْ شَعَّبْتَ النَّاسَ يَعْنِي: فَرَّقْتَ بَيْنَهُمْ فِي الْفُتْيَا أَنَّهُ مَنْ طَافَ فَقَدْ حَلَّ؟ فَقَالَ: "سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ رُغِمْتُمْ".

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ وَرَدَتْ آثَارُ مُتَوَاتِرَةٌ فِي أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحابه فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِفَسْخِ الْحَجِّ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنْهُمْ هَدْيٌ وَلَمْ يُحِلَّ هُوَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَالَ: "إنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ وَلَا أُحِلُّ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ". ثُمَّ أَمَرَهُمْ فَأَحْرَمُوا بِالْحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ حِينَ أَرَادُوا الْخُرُوجَ إلَى مِنًى; وَهِيَ إحْدَى الْمُتْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: مُتْعَتَانِ كَانَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا أَنْهَى عَنْهُمَا وَأَضْرِبُ عَلَيْهِمَا مُتْعَةُ الْحَجِّ، وَمُتْعَةُ النِّسَاءِ. وَقَالَ طَارِقُ بْنُ شِهَابٍ عَنْ أَبِي مُوسَى فِي قِصَةِ نَهْيِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ هَذِهِ الْمُتْعَةِ قَالَ: فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا هَذَا الَّذِي أَحْدَثْتَ فِي شَأْنِ النِّسَاءِ؟ فَقَالَ: إنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا حَلَّ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ. فَأَخْبَرَ عُمَرُ أَنَّ هَذِهِ الْمُتْعَةَ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} وَهَذَا مِنْ قَوْلِهِ يَدُلَّ عَلَى جَوَازِ نَسْخِ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ خَاصًّا لِأُولَئِكَ; حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان قال: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَسْخُ الْحَجِّ لَنَا أَوْ لِمَنْ بَعْدَنَا؟ قَالَ: "لَا بَلْ لَنَا خَاصَّةً". وَقَالَ أَبُو ذَرِّ: لَمْ يَكُنْ فَسْخُ الْحَجِّ بِعُمْرَةٍ إلَّا لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ وَعُثْمَانَ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ إنْكَارُ فَسْخِ الْحَجِّ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي قَوْلِ عُمَرَ "مُتْعَتَانِ كَانَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ". وَعِلْمُ الصَّحَابَةِ بِهَا مَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونُوا قَدْ عَلِمُوا مِنْ نَسْخِهَا مِثْلَ عِلْمِهِ، لَوْلَا ذَلِكَ مَا أَقَرُّوهُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعِلْمُ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتِ النَّسْخِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةِ أَنَّ سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعُمْرَتَنَا هَذِهِ لِعَامِنَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَقَالَ: "هِيَ لِأَبَدِ الْأَبَدِ، دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" فَأَخْبَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْعُمْرَةَ الَّتِي فَسَخُوا بِهَا الْحَجَّ كَانَتْ خَاصَّةً فِي تِلْكَ الْحَالِ، وَأَنَّ مِثْلَهَا لَا يَكُونُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: "دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" فَإِنَّهُ مِمَّا حَدَّثَنَا بِهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الواسطي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن الْيَمَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ جَعْفَرٍ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>