للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْمَفْعُولَةَ بِهِ مُنْتَظَرٌ بِهَا الْفَرَاغُ مِنْهَا، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ حُكْمُهُ فِي وُجُودِ الْمَاءِ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ وَبَعْدَهُ; وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ صَوْمِ التَّمَتُّعِ وَصَوْمِ الظِّهَارِ وَنَحْوِهِ. وَقَالُوا جَمِيعًا فِي الصَّغِيرَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا إذَا فَارَقَهَا زَوْجُهَا: إنَّ عِدَّتَهَا الشُّهُورُ وَإِنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهَا عِنْدَ عَدَمِ الْحَيْضِ فِي وُجُوبِ انْتِظَارِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ بَعْدَ وُجُوبِ الشُّهُورِ فِي انْتِقَالِهَا إلَى الْحَيْضِ. وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي الْمَاسِحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ إذَا خَرَجَ وَقْتُ مَسْحِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ قَبْلَهَا وَتَسَاوَى حُكْمُ الْحَالَيْنِ مِنْ الِابْتِدَاءِ وَالْبَقَاءِ فِي مَنْعِ الصَّلَاةِ وَلُزُومِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ. وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ إذَا زَالَتْ اسْتِحَاضَتُهَا وَهِيَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ قَبْلَ دُخُولِهَا فِيهَا فِي اسْتِوَاءِ حُكْمِ الْحَالَيْنِ فِي بَابِ الْمَنْعِ مِنْهَا إلَّا بَعْدَ تَجْدِيدِ الطَّهَارَةِ لَهَا. وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا، كَانَتْ عَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ، لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ عِنْدَ الْمَوْتِ، قَالَ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ تَحْتَهُ أَمَةٌ وَطَلَّقَهَا كَانَتْ عَلَيْهَا عِدَّةُ الْأَمَةِ، فَإِنْ عَتَقَتْ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَمْ تَنْتَقِلْ عِدَّتُهَا إلَى عِدَّةِ الْحُرَّةِ وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ هُنَاكَ شَيْءٌ يَجِبُ بِهِ عِدَّةٌ كَمَا حَدَثَ الْمَوْتُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْعِدَّةِ وَيَلْزَمُهُ عَلَى هَذَا أَنْ لَا تَنْتَقِلَ عِدَّةُ الصَّغِيرَةِ إذَا حَاضَتْ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ مَا يُوجِبُ الْعِدَّةَ وَهُوَ وُجُودُ الْحَيْضِ كَمَا لَا يَجِبُ الْعِتْقُ كَمَا اقْتَضَاهُ اعْتِلَالُهُ.

قوله تعالى: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: إنْ شَاءَ صَامَهُنَّ بِمَكَّةَ وَإِنْ شَاءَ إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ. وَرَوَى الْحَسَنُ قَالَ: إنْ شَاءَ صَامَ فِي الطَّرِيقِ وَإِنْ شَاءَ إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ وَكَذَلِكَ قَالَ مُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَالشَّعْبِيُّ: يَصُومُهُنَّ إذَا رَجَعَ إلَى أهله.

وقوله تعالى: {إِذَا رَجَعْتُمْ} مُحْتَمِلٌ لِلرُّجُوعِ مِنْ مِنًى وَلِلرُّجُوعِ إلَى أَهْلِهِ، فَهُوَ عَلَى أَوَّلِ الرُّجُوعَيْنِ وَهُوَ الرُّجُوعُ مِنْ مِنًى. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ اللَّهَ حَظَرَ صِيَامَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَأَبَاحَ السَّبْعَةَ بَعْدَ الرُّجُوعِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْوَقْتَ الَّذِي أَبَاحَ فِيهِ الصَّوْمَ بَعْدَ حَظْرِهِ وَهُوَ انْقِضَاءُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.

قوله تعالى: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ قِيلَ فِيهِ وُجُوهٌ: مِنْهَا: أَنَّهَا كَامِلَةٌ فِي قِيَامِهَا مُقَامَ الْهَدْيِ فِيمَا يُسْتَحَقُّ مِنْ الثَّوَابِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ قَدْ قَامَتْ مُقَامَ الْهَدْيِ فِي بَابِ جَوَازِ الْإِحْلَالِ بِهَا يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ صِيَامِ السَّبْعَةِ، فَكَانَ جَائِزًا أَنْ يَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّ الثَّلَاثَةَ قَدْ قَامَتْ مُقَامَ الْهَدْيِ فِي بَابِ اسْتِكْمَالِ الثَّوَابِ، فَأَعْلَمَنَا اللَّهُ أَنَّ الْعَشَرَةَ بِكَمَالِهَا هِيَ الْقَائِمَةُ مُقَامَهُ فِي اسْتِحْقَاقِ ثَوَابِهِ وَأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ تَعَلَّقَ بِالثَّلَاثَةِ فِي جَوَازِ الْإِحْلَالِ بِهَا; وفي تلك أعظم الفوائد

<<  <  ج: ص:  >  >>