ويصير الدارس لهذا العلم دقيقًا في تعلمه وتعليمه لهذا العلم الشرعي بحميع فروعه، ولقد كان أحد شيوخي من المحدثين الأفاضل دائمًا يحثنا على تعلم علم الحديث، ويقول: تصبحون في يوم من الأيام حكامًا على أقوال الناس وأفعالهم لا محكومين.
أضف إلى ذلك: أن كثيرًا من الخلافيات في الفروع التي يبقى الكثير حائرًا عندها، يستطيع العالم وطالب العلم أن يرجح بين الأقوال بهذا العلم، وكلما رسخت قدمه في علم المصطلح، كلما استطاع أن يسبر غور الخلاف بين الأقوال المختلفة، لأنه يراجع أصول المذاهب والأقوال؛ بالرجوع إلى أدلتها بثبوتها أو عدم ثبوتها.
٥ - بيان منهج (السلف) من المحدثين، ودقتهم في وضع قواعد معتمدة على الكتاب والسنة، ومنهجيتهم في ذلك، وتنظيمهم، وتنسيقهم، ودقتهم لحفظ سنة خير البشر صلى اللَّه عليه وآله وسلم، وزيادة الثقة بهم، بأمانتهم العلمية في نقل شريعة اللَّه، وسنة رسوله صلى اللَّه عليه وآله وسلم.
٦ - ثم إنَّ علم المصطلح (تمهيدٌ ومقدمةٌ) للعلماء والمتخصصين في جميع علوم الشريعة، ليقوموا ببناء علومهم على أصولٍ ثابتةٍ، وقواعدَ راسخةٍ، فلا أحكام، ولا أقيسة، ولا اجتهاداتٍ تكون مصيبةً إذا لم تؤسس على نصوص القرآن والسنة الثابتة، والثبات لا يكون إلا بقواعد ثابتةٍ للنقد، والتمحيص النزيه، كقواعد مصطلح الحديث.