للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتحفظ كما سمعت بحيث لا تغير منه حرفًا ولو غير غيرك منه حرفًا وأخطأ علمت خطأه، إلى أن قال: وصحة السماع لا تعرف من قول المحدثين، لأنه ليس من علمهم، بل من علم [علماء الأصول (١)] بالفقه، ولو سمعوا على الشرط لكانوا مغرورين في اقتصارهم على النقل، وفي إفناء أعمارهم في جمع الروايات والأسانيد, وإعراضهم عن مهمات الدين، ومعرفة معاني الأخبار, بل الذي يقصد من الحديث سلوك طريق الآخرة، وربما يكفيه الحديث الأول الواحد عمرًا كما روي عن بعض الشيوخ أنه حضر مجلس السماع، فكان أول حديث رُوي: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مِن حُسْنِ إسْلامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيْه (٢) ". فقام وقال: يكفيني هذا حتى أفرغ منه, ثم أسمع غيره،


(١) من الإحياء (١١/ ٢٠٤٠)، وفي النسخ: من علم أصول الفقه.
(٢) الحديث صحيح. وقد ورد من طرق عديدة.
فمن طريق حجاج بن دينار عن شعيب بن خالد عن حسين بن علي مرسلًا بلفظ: "إنَّ مِن حُسْنِ إِسْلامِ المَرْءِ قِلةَ الكَلامِ فِيْمَا لا يعنيه". رواه مالك (كتاب حسن الخلق - باب ما جاء في حسن الخلق - ٢/ ٩٠٣)، وبنحوه الإمام أحمد (١/ ٢٠١)، ورواه الطبراني في الكبير (٣/ ١٣٨ - رقم ٢٨٨٦)، والصغير (٢/ ١١١) مرفوعًا عن علي بن الحسين عن أبيه.
ومن حديث الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعًا رواه الترمذي (كتاب الزهد - باب حدثنا سليمان بن عبد الجبار - ٤/ ٥٥٨) وقال عقبه: وهكذا روى غير واحد من أصحاب الزهري عن الزهري عن علي بن حسين عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نحو ذلك حديث مالك مرسلًا، وهذا عندنا أصح من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة وعلي بن حسين لم يدرك علي بن أبي طالب، وابن ماجة (كتاب الفتن - باب =

<<  <  ج: ص:  >  >>