للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هناك ما يمنع من الجمع بين الاثنين؟ (١) ولذلك يقول الكوثري (٢): إن الأشعري نشأ في ظروف حرجة تعاني منها الأمة، فغار الإمام أبو الحسن على ما حل بالمسلمين من ضروب النكال، فقام لنصر السنة، وقمع البدعة، فسعى أولاً للإصلاح بين الفريقين من الأُمة بإرجاعهما عن تطرفهما إلى الوسط العدل قائلاً للأولين: أنتم على الحق إذا كنتم تريدون بخلق القرآن اللفظ والتلاوة والرسم، وللآخرين: أنتم مصيبون إذا كان مقصودكم بالقديم: الصفة القائمة بذات الباري غير البائنة منه (٣). قلت: هذا الذي يزعم الكوثري أنَّ الأشعري يُريد أن يجمع الناس عليه مذهبٌ باطل وهو أنّ كلام الله معنى واحد قائمٌ بذاته وأمّا ألفاظ القرآن وحروفه


(١) انظر: الأشعرية ١٨٦ باختصار.
(٢) هو محمد زاهد بن الحسن بن علي الكوثري الجركسي، الحنفي، جدلي متكلم، ولد في القسطنطينية سنة ست وتسعين ومائتين بعد الألف للهجرة. عمل أستاذاً في جامعة استنبول، هرب أثناء الحرب العالمية خوفاً من أتاتورك إلى مصر، وظل متنقلاً بين مصر والشام، حتى استقر في دار المحفوظات بمصر، فترجم ما فيها من الوثائق التركية إلى العربية، له من المؤلفات عدد كثير، منها: تأنيب الخطيب على ما ساقه في ترجمة أبي حنيفة من الأكاذيب ويقصد بذلك الخطيب البغدادي ـ رحم الله الجميع ـ. وله كتاب آخر بعنوان الاستبصار في التحدث عن الجبر والاختيار، وله عدد من المقالات، توفي في القاهرة في عام ١٣٧١ هـ، وقع كثيراً في شيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام ابن القيم، والإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب وغيرهم. ومازالت آثار كتاباته موجودة. انظر ترجمته في: الأعلام للزركلي ٦/ ١٢٧ معجم المؤلفين ١٠/ ٤.
(٣) انظر تعليق الكوثري على تبيين كذب المفتري ص ٢٣ في الهامش.

<<  <   >  >>