للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من مؤلفات مرحلة التحول واللمع من مؤلفات مرحلة النضج، وأي مقارنة بين الكتابين تؤكد صحة هذا الرأي (١). قلت: وهذا القول لا يستند إلى أدلة علمية بل في الإبانة من القوة العلمية واستحضار الأدلة ما ليس في اللمع. «والإبانة كتاب احتجاج وليس كتاب حجة لنقل مذاهب الناس» (٢). فهو هنا لم يوضح لنا مقصده في العمق والنضج، فهل يقصد بالعمق طريقة الاستدلال بالأدلة العقلية وتأويل الأدلة النقلية، كما هى في اللمع، إن كان هذا مقصده بالعمق والنضج فلا بأس بالمقصد، ويقال له ألا ترى أن الأشعري ـ رحمه الله ـ عندما كان معتزلياً كان أكثر نضجاً وعمقاً في هذا الاتجاه، بل كان إماماً في اعتماد التأويلات العقلية وتعطيل الأدلة النقلية، ومع ذلك فر ـ رحمه الله ـ من هذا العمق المزعوم والنضج المكذوب!! فهل يُسمى التعطيل للوحيين عمقاً؟! وتقديم النقل عليهما نضجاً؟!! ـ سبحانك ربي هذا بهتان عظيم.

ثالثاً: قالوا: ومن المؤكد على أن الإبانة هي المتقدمة أننا نجد أن الأشعري فيها متحمساً، ومتحاملاً على المعتزلة، وأبعد ما يكون عن آرائهم، وهذه ظاهرة نفسية، يجدها المرء في نفسه تجاه رأيه الذي يتركه إبان تركه أو بعد التخلي عنه (٣). وهذه القوة في الهجوم ليست موجودة


(١) انظر نشأة الأشعرية وتطورها ص ١٩٥.
(٢) انظر بيان التلبيس ١/ ١١٧.
(٣) القضاء والقدر ٢/ ٣١٩.

<<  <   >  >>