للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القرآن، فإذا قرأ تكلم داعيهم ووعظ وقدح في السلاطين وعلماء الزمان وجهال العامة. كما كان من مناهجهم أنهم لا يتكلمون مع عالم بل مع الجهال ويجتهدون في زلزلة العقائد بإلقاء المتشابه. وكل مالا يظهر للعقول معناه فيقولون: ما معنى الاغتسال من المني دون البول؟ ولم كانت أبواب الجنة ثمانية وأبواب النار سبعة؟ وفي قوله: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} أترى ضاقت القافية؟ وما نظن هذا إلا لفائدة لا يفهمها كثير من الناس. ويقولون: لم كانت السموات سبعاً؟ ثم يشوقون إلى جوانب هذه الأشياء، فإن سكت السائل سكتوا، وإن ألح، قالوا: عليك بالعهد والميثاق على كتمان السر، فإنه الدر الثمين، فيأخذون عليه العهود والمواثيق كتمان هذا، ويقولون في الإيمان: «وكل مالك صدقة، وكل امرأة لك طالق ثلاثاً إن أخبرت بذلك ثم يخبرونه ببعض الشيء، ويقولون هذا لا يعلمه إلا آل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويقولون هذا الظاهر له باطن، وفلان ١٠٦/ ب (١) يعتقد ما نقول ولكنه يستره ويذكرون له بعض الأفاضل ولكنه ببلد بعيد» (٢)، واستفحل أمر القرامطة في الكوفة، وكثروا بسواد الكوفة، حتى بلغ من استفحالهم أنهم أحدثوا ديناً غير الإسلام، حيث رفع بعض أهل الكوفة إلى السلطان حول هذا الأمر. وبينوا فيه أنهم يرون السيف على أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، إلا من بايعهم على دينهم، ولكن السلطان لم يلتفت إليهم. ولم يسمع منهم. ومن عجائب


(١) وهذه من الرموز عندهم.
(٢) انظر المنتظم ١٢/ ٢٩٤ انظر تاريخ الطبري ٥/ ٦٠١، ١/ ٦٠٢.

<<  <   >  >>