للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم} [آل عمران: ١٩٣] يعني بالمنادي والله سبحانه وتعالى أعلم القائل {يا أيها الناس اعبدوا ربكم} [البقرة: ٢١]- إلى آخرها، ومما يجب التنبه له من قصتهم هذه ما فيها لأنها تدريب لمن كتب عليهم القتال وتأديب في ملاقاة الرجال من الإرشاد إلى أن أكثر حديث النفس وأمانيها الكذب لا سيما بالثبات في مزال الأقدام فتشجع الإنسان، فإذا تورّط أقبلت به على الهلع حتى لا يتمنوا لقاء العدو كما أدبهم به نبيهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذلك أن بني إسرائيل مع كونهم لا يحصون كثرة سألوا نبيهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث ملك للجهاد، فلما بعث فخالف أغراضهم لم يفاجئوه إلا بالاعتراض، ثم لما استقر الحال بعد نصب الأدلة وإظهار الآيات ندبهم، فانتدب جيش لا يحصى كثرة، فشرط عليهم الشاب الفارغ بناء دار وبناء بامرأة، فلم يكن الموجود بالشرط إلا ثمانين ألفاً؛ ثم امتحنوا بالنهر فلم يثبت منهم إلا ثلاثمائة وثلاثة عشر وهم دون الثلث من ثمن العشر من المتصفين بالشرط من الذين هم دون الدون من المنتدبين الذين هم دون الدون من السائلين في بعث الملك، فكان الخالصون معه، كما قال بعض الأولياء المتأخرين لآخر قصده بالزيارة:

ألم تعلم بأني صيرفيّ ... أحك الأصدقاء على محك

<<  <  ج: ص:  >  >>